القسمة بوجود حال ثالث (١) ، وهو أن لا يسرح ، ولا يمسك ، وأيضا فإنه يقال : فلان راجع امرأته ولم يمسكها بالمعروف ، فكأن الإمساك عبارة عن القيام بما يلزمه ، قالوا : ولأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لعمر في طلاق ابنه : «مره فليراجعها ، ثم ليدعها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر ، ثم يطلقها» فلو كان الطلاق يتبع الطلاق لم يأمره بالرجعة.
الفرع الثاني
لو جعل الطلقات بلفظ واحد هل تكون واحدة أو ثلاثا؟ وهذه مسألة اختلف العلماء فيها من الصحابة والتابعين ، والأئمة ، فعند الهادي ، والقاسم ، وطائفة ممن ذكر ، وهو مروي عن علي عليهالسلام : أن ذلك طلقة واحدة ، وعن المؤيد بالله ، والفرق الثلاث ، وهو رواية عن علي عليهالسلام ، وابن عباس ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، وعائشة : أنها ثلاث
قال الأولون : إن الله تعالى قال : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) إلى آخر الآية فجاء بالألف واللام فاقتضى ذكرهما الاستغراق ، وذكر المرتين للتكرار ، والتكرار لا بد له من أوقات ، فإذا قال : أنت طالق ثلاثا فله أن يطلق في أوقات ، واحتجوا بحديث ابن عباس (٢) قال : كان الطلاق على عهد
__________________
(١) يمكن أن يقال : يجوز أن يكون الإمساك هو الرجعة ، ولا نسلم وجود قسم ثالث ؛ لأن التخيير بين الرجعة والتسريح ، والتسريح بأمرين إما بالطلاق الثالث ، أو بعدم الرجعة إلى أن تبين منه ، ويمكن أن يجاب بأن الرجعة سبب الإمساك ، فإطلاقه عليها إطلاق لاسم المسبب على سببه ، فيكون مجازا ، وهو خلاف الأصل. والله أعلم. (ح / ص).
(٢) رواه في شرح التجريد المؤيد بالله مسندا ، حيث قال : أخبرنا به أبو العباس الحسني ، رضي الله عنه ، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، قال أخبرنا الحسين بن أبي الربيع ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن ابن طاووس ، عن ابن عباس ، وساق الحديث ، ورواه فيه بسند آخر من طريق أبي جعفر الطحاوي مرفوعا إلى ابن عباس إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.