وقال بكر بن عبد الله المزني : هم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بدليل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم».
وقوله عليهالسلام : «مثل أصحابي في الناس كالملح في الطعام فإذا ذهب الملح فسد الطعام» ، وقيل : أمراء السرايا (١) ؛ لأن الآية نزلت في ذلك ، وقيل : العلماء ، وهذا مروي عن جابر ، وابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، وعطاء ، وأبي العالية ، والضحاك ، واختاره القاضي ؛ لأن كلامهم حجة ؛ ولأن قوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) وهذا يليق بالعلماء ، وقيل : هم أهل العقل والرأي ، الذين يدبرون أمور الناس ، وقيل : الأئمة.
قال الزمخشري : والمراد أمراء الحق لا أمراء الجور ؛ لأنه تعالى لما أمر ولاة الأمر بأداء الأمانات إلى أهلها ، وأن يحكموا بالعدل أمر الناس أن يطيعوهم ، وأمراء الجور لا يؤدون الأمانة ، ولا يحكمون بعدل ، ولا يردون شيئا إلى كتاب ، ولا سنة ، إنما يتبعون شهواتهم ، فهم منسلخون عن صفات أولي الأمر عند الله ورسوله ، وأحق أسمائهم اللصوص المتغلبة (٢).
قال الحاكم : وفي ذلك دليل على ثبوت الأدلة من الكتاب ، والسنة ، والإجماع والقياس ؛ لأنهم لو لم يتنازعوا لم يجب الرد إلى الله ورسوله ، فدل على أن الإجماع حجة ، ودل على القياس والاستنباط ؛ لأن الحكم قد لا يكون منصوصا عليه عند التنازع ، وهو نظير خبر معاذ حين بعثه إلى اليمن ، وقال : «بم تقضي ..» إلى آخره.
__________________
(١) سبق التوضيح ، وانظر الكشاف (١ / ٥٣٥).
(٢) الكشاف (١ / ٥٣٥).