وثمرة الآية : قبح الرياء ، والنفاق ، واليمين الكاذبة ، والعذر الكاذب ؛ لأنهم اعتذروا ما طلبوا المحاكمة إلى غير رسول الله إلا إحسانا وذلك بالتوفيق بين الخصمين ، وذلك كذب.
وقوله تعالى : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) قال الحاكم : قيل : هذا منسوخ ، يعني : بآية السيف وقيل : إنه ثابت.
وبيان ذلك : أن قوله تعالى : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) إن فسر بأن المراد أعرض عنهم إذلالا لهم بمعنى : لا تؤنسهم ، فهذا ثابت لا نسخ فيه (١) وإن حمل على أن المراد لا تعاقبهم بقتل ولا بغيره ، فهذا محل الخلاف ، فقيل : منسوخ بآية السيف ، وقيل : بل ذلك باق ولا نسخ فيه ، وأنه لا يعاقبهم لمصلحة في إبقائهم ، وأنهم لا يزادون على الموعظة والنصيحة.
وقوله تعالى : (قَوْلاً بَلِيغاً) قال الحسن : يتوعدهم بالقتل إن أظهروا ، وقيل : يبالغ في النصيحة مبالغة تؤثر في نفوسهم ، وقيل : عظهم جهرا في الملأ ، وقل لهم سرا قولا بليغا ، وهو المراد بقوله : (فِي أَنْفُسِهِمْ) عن الضحاك (٢).
ودلت الآية على لزوم الوعظ والمبالغة فيهم.
وأما معاملة المنافق بمعاملة الكفار من القتل ونحوه ، فإن قلنا : إن فيها نسخا عومل بالقتل كالكافر غير المنافق.
وإن قلنا : لا نسخ فيها ، وأن المراد ترك العقوبة كان هذا الحكم مختصا بكفر النفاق ، وهذا هو الظاهر من سيرته صلىاللهعليهوآلهوسلم مع المنافقين ، وهو الأظهر من كلام المفسرين.
__________________
(١) وهذا هو الوجه الذي ينبغي اعتماده.
(٢) الكشاف (١ / ٥٣٧).