وقوله تعالى : (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) قيل : أراد بالأخذ الأسر ، والقتل ظاهر ، لكن يخرج من ذلك من استثنى قتله كالنساء والصبيان ؛ لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم مر بامرأة مقتولة فقال : «ما كانت هذه تقاتل» ، وذلك إنكار منه عليهالسلام على وجه علله بعدم القتال ، فيدخل في هذا النساء والصبيان ، والشيخ الفاني الذي لا رأي له ، والأعمى ، والمقعد ، وأصحاب الصوامع ، وقد كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول إذا بعث جيشا : «لا تقتلوا أصحاب الصوامع» وأحد قولي الشافعي : يقتل أصحاب الصوامع ، ومن دخل في الذمة ، والتزم الجزية لم يقتل.
قال الحاكم : لأنه غير معرض إذا دخل في ذمتنا ، وقيل : إن أصحاب الجزية منسوخون من الآية ، وقيل : هم مخصوصون ، وقد كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يوصي سراياه بأن الكفار إن امتنعوا من الدخول في الإسلام عرض عليهم أن يسلموا الجزية ، فإن قبلوا كف عنهم.
وقوله تعالى : (حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) يعني في الحل أو في الحرم ، هكذا في كتب التفاسير من (الكشاف) و (التهذيب) و (الثعلبي) ، وهذا يطابق قول الشافعي : أن من وجب عليه القتل بحد أو قصاص أو ردة فالتجأ إلى الحرم ، فإنه يقتل فيه ، ومذهبنا وأبي حنيفة : لا يقتل فيه.
قال في شرح الإبانة : من حل دمه بقصاص ، أو بزنى ، أو ردة ، أو كفر أصلي فإنه لا يقتل ، فيه عند الناصر والهادي وأبي حنيفة.
وقال الشافعي : يقتل فيه.
فإن قيل : كيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى في سورة البقرة : (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ) وقوله تعالى في سورة العنكبوت : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً) وقوله تعالى في سورة آل