النزول
قيل : نزلت هذه الآية في عائشة (١) ، وقيل : في تميمة بنت عبد الرحمن القرظي ، وكانت تحت رفاعة بن وهب بن عتيك القرظي (٢) ، ابن عمها ، فطلقها ثلاثا ، فتزوجت عبد الرحمن بن الزّبير (٣) البصري ، فجاءت إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : إن رفاعة طلقني فبت طلاقي ، وإن عبد الرحمن بن الزبير تزوجني ، وإن ما معه مثل هدبة الثوب ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا ، حتى تذوقي عسيلته ، ويذوق عسيلتك ، وكان أبو بكر يسمع ، فلبثت ما شاء الله تعالى ، ثم عادت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقالت : إن زوجي مسّني (٤) ، فقال : كذبت في قولك الأول ، فلا نصدقك في الآخر ، فلبثت حتى قبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأتت أبا بكر فاستأذنت فقال : لا ترجعي إليه ، فلبثت حتى مضى لسبيله ، فأتت عمر فاستأذنت فقال : لئن رجعت إليه لأرجمنك ، فإنه تعالى قد أنزل : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ).
ولهذه الآية ثمرات ، وهي أحكام :
الأول : أن الزوج يملك بعقد النكاح ثلاث تطليقات ، إذ لو ملك أكثر لكانت الثالثة في جواز الرجعة كالثانية في قوله تعالى : (فَإِنْ طَلَّقَها) يعني الطلاق الثالث.
الحكم الثاني : أن الطلاق الثالث يوجب تحريمها حتى تنكح زوجا
__________________
(١) عائشة : هي عائشة بنت عبد الرحمن القرظي ، وإنما الشك من الراوي في الاسم ، هل هي عائشة ، أو تميمة.
(٢) وفي التهذيب للنواوي : رفاعة بن سموأل ، وقيل : رفاعة بن رفاعة.
(٣) عبد الرحمن بن الزبير بن بلطي ، وهو بفتح الزاي ، وكسر الباء. تهذيب ، والخلاصة. وفي نسخة (البصري) وفي نسخة (النصري) و (النضري).
(٤) لفظ الكشاف (إنه قد كان مسني).