أخوه لأمه ، ثم إنها حلفت لا يظلها سقف ، ولا تذوق طعاما حتى يأتيا به ، فخرجا له فحلفا لا يصيبانه بمكروه ، وفتل أبو جهل منه في الذروة والغارب (١) ، وقال : أليس محمد يحثك على صلة الرحم ، انصرف وبر أمك وأنت على دينك ، فنزل وذهب معهما ، ولما خرجوا من المدينة كتفاه وجلده كل واحد منهما مائة جلدة (٢).
قال جار الله : فقال للحارث : هذا أخي فمن أنت يا حارث؟ لله علي إن وجدتك خاليا أن أقتلك ، وقدما به إلى أمه ، فحلفت لا تحل كتافه أو يرتد.
قيل : وترك مكتوفا في الشمس حتى أعطاهم الذي أرادوا.
وقيل : إن الحارث قال له : إن كان الذي كنت عليه هدى فقد تركته ، وإن كان ضلالة فقد دخلت فيه ، فغضب عياش وحلف إن وجده خاليا ليقتلنه ، ثم إن عياشا أسلم وهاجر إلى المدينة ولقي الحارث وقد أسلم ولم يعلم بإسلامه ، فقتله بظهر قباء ، فأخبر بإسلامه ، فأتى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبره فنزلت الآية (٣).
__________________
(١) في حاشية الكشاف : وقيل : الذروة أعلى السنام ، والغارب مقدمه ، وهو كناية عن المكر والخديعة ، وأصله أن الرجل إذا أراد إيناس البعير الصعب ليزمه فينقاد له جعل يمر يده عليه ، ويمسح غاربه ، ويفتل وبره حتى يستأنس ، ويضع عليه الزمام.
(٢) عبارة البغوي : وقالت لابنها الحارث وأبي جهل بن هشام ، وهما أخواه لأمه : والله لا يظلني سقف ، ولا أذوق طعاما حضر ، ولا شرابا حتى تأتوا به ، فخرجا في طلبه ، وخرج معهما الحارث بن زيد بن أبي أنيسة ، وحكى القصة ، وعبارة الكشاف والنيسابوري : فخرج أبو جهل ، ومعه الحارث بن زيد بن أبي أنيسة ، ففي عبارة الكتاب بعض اضطراب. (ح / ص). وستأتي القصة أيضا في العنكبوت في تفسير قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ).
الكتف : شدّ يد الرجل إلى خلفه. والكتاف : الحبل الذي يكتف به.
(٣) الكشاف (١ / ٥٥٢ ـ ٥٥٣).