الإسلام ، لا يكذب ، بل يقبل منه ، ويدخل في هذا الملحد والمنافق ، وهذا هو مذهبنا والأكثر ، وقد تقدم طرف من ذلك (١) ، فيدخل في هذا قبول توبة المرتد خلافا لأحمد ، وقبول توبة الزنديق ، وهذا قول عامة الأئمة ، وأبي حنيفة ، ومحمد ، والشافعي.
وقال مالك ، وأبو يوسف : لا تقبل ؛ لأن هذا عين مذهبهم ، أنهم يظهرون خلاف ما يبطنون.
وقال المنصور بالله ، والإمام يحيى : إن أظهروا ما يعتادون إخفائه قبلت توبتهم ، وإلا فلا.
قال علي خليل : تقبل توبتهم ، ولو عرفنا من باطنهم خلاف ما أظهروا ، كما قبل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من المنافقين ، وقد أخبره الله تعالى بكفرهم.
وقال أبو مضر : تقبل ما لم يعرف كذبهم ، وهذا الخلاف في الظاهر ، أما عند الله تعالى إذا صدق فهي مقبولة وفاقا.
قال الحاكم : وتدل على أن التوصل بالسبب المحرم إلى المال لا يجوز ، وقد ذكر العلماء صورا في التوصل إلى المباح بالمحظور مختلفة ، ذكرت في غير هذا الموضع ، والحجة هنا من قوله تعالى : (تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) لكن الذي قصد هنا أخذه محظور ؛ لأن إظهار الإسلام يحقن النفس والمال ، فذلك توصل إلى محظور بمحظور (٢).
وقوله تعالى : (لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ)
قرئ (السلم) وهذه قراءة نافع ، وحمزة ، وابن عامر ، بغير ألف وهو الاستسلام ، وقيل : إظهار الإسلام ، وقرأ الباقون (السَّلامَ) بألف وهو : التحية.
__________________
(١) في تفسير قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ).
(٢) فيسقط الاحتجاج.