قلنا : إن ثبت الخبر «هذا» (١) حملناه على النسخ لا على البيان (٢).
ثمرات هذه الآية الكريمة أحكام :
الأول دلالة الآية على أن الجهاد ليس بفرض عين ، إذ لو كان فرضا من فروض الأعيان كما قاله ابن المسيب. لم يكن للقاعد فضل ، وهاهنا قد جعل له فضل ، ولكن تفاوت الفضل بينه وبين المجاهد ، وقال : (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى).
الحكم الثاني
أن الجهاد يكون بالنفس والمال ، فيجوز للإمام أخذ المال للجهاد ، ولكن ذلك بشرائط قد سبقت.
الحكم الثالث
أن الجهاد أفضل من القرب التي يفعلها القاعد ؛ لأنه فضله على القاعد مطلقا ، ويؤيد هذا قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الجهاد سنام الدين» ، وقد فرع العلماء على هذا : أن رجلا لو وقف ماله على أحسن وجوه البر ، وأوصى أن يصرف في أحسن وجوه البر ، فإنه يصرف في الجهاد ، خلاف ما ذكره أبو علي أنه يصرف في طلب (٣) العلم.
__________________
(١) ساقط في (ب).
(٢) يقال : إن الآية إنما نزلت دفعا لتوهم الوجوب ، وتقريرا للحكم العقلي ، فقد ، وهو غير واجب على الأعمى ونحوه ، إذ هو تكليف ما لا يطاق.
ويمكن أن يقال : فكان يصلح الاعتراض لو اختلف الوقت ، وأما هنا فالوقت واحد فلا تأخير ، وأما الحمل على النسخ فغير مستقيم ؛ إذ لا نسخ للآية ، وأما إذا كان خبرا في معنى الأمر فتأخير البيان إلى وقت الحاجة بعيد ، فيكون هذا من التخصيص بالمتصل كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مكة (لا يختلى خلاها ، ولا يعضد شجرها) فقال العباس : إلا الإذخر يا رسول الله؟ قال : إلا الأذخر ، ويؤيد ذلك أن غير وقعت في الاستثناء ، والنسخ ينافي الاستثناء لاشتراط التراخي. (ح / ص).
(٣) في نسخة (طلبة العلم).