منهم قيس بن الفاكهة بن المغيرة ، وأضمروا الشرك ثم خرجوا إلى بدر لقتال المسلمين ، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا : غرّ هؤلاء دينهم ، فقتلوا يوم بدر.
قيل : فضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم ، فقال بعض المسلمين : كان هؤلاء أصحابنا أسلموا ، وأكرهوا على الخروج.
وقيل : نزلت في أناس من مكة تخلفوا عن الهجرة ، ثم استثنى الله تعالى من لحقه الضعف عن الهجرة (١).
وعن ابن عباس : كنت أنا وأبي وأمي من الذين (لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً ، وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) ، وكنت غلاما صغيرا (٢).
وقوله تعالى : (تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) أي : حال ظلم أنفسهم لم يتعقب الظلم توبة ، فيقبضوا حال التوبة ، والمعنى بالتوفي قبض أرواحهم عند الموت ، عن أبي علي وغيره.
وقيل (٣) : أراد ملك الموت ، وقيل : هو وغيره.
قالُوا : فِيمَ كُنْتُمْ؟ أي : قال الملائكة لهم سؤال توبيخ وتقريع ، أي : لم تكونوا على شيء من أمر دينكم ؛ لذلك تركتم الهجرة فأجابوا بقولهم : (كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ) أي : في حكم أهل الشرك فلم نقدر على الهجرة ، فأكذبهم الله ، وأجابتهم الملائكة بقوله تعالى : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها).
ثمرة الآية : وجوب الهجرة من دار الكفر ، ولا خلاف أنها كانت واجبة قبل الفتح ، ولذلك قال تعالى في سورة الأنفال : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ
__________________
(١) زاد المسير (٢ / ١٧٧) ، الطبري (٤ / ٣٣٦)
(٢) الطبري (٤ / ٢٣٧) ، خبر رقم ١٠٢٧٢.
(٣) في (أ) : قيل.