وقال المؤيد بالله : والشافعي ، وحكاه أبو طالب عن الهادي عليهالسلام ـ إن ذلك جائز ، وعلل المنع بأن ذلك يؤدي إلى أنها تستحق عوضين لمنافعها بالزوجية ، وبالرضاع ، وهذه العلة يلزم منها المنع من جواز إجارتها على إرضاع ولده من غيرها ، وعلى الخبز والطبيخ ، وقد ذكر ذلك في بعض كتب الحنفية. وقيل : هذا جائز وفاقا. وحجة من أجاز عموم الأدلة ، وقوله تعالى في سورة الطلاق : (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) [الطلاق : ٦] وهذه الآية.
والمانعون يقولون : ذلك في المطلقات (١).
وقوله تعالى : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَ) قيل : أراد نفقة الزوجية ، ونفقة العدة ، وقيل : أجرة الرضاع ؛ لأنه رتبه عليه.
ثم إنه يتفرع على هذا الحكم فائدة ، وهي جواز استئجار الظئر بنفقتها ، وكسوتها ، فجوز ذلك أبو حنيفة في الظئر خاصا بهذه الآية. وقال الشافعي ، وأبو يوسف ، ومحمد ، والقاضي زيد للمذهب : لا بد أن تكون الأجرة معلومة ، وهو قول الناصر ، ويقولون : أراد نفقة الزوجية ، والعدة بقوله : (رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَ) أو أن ذلك كان مقدرا ، وأجازه مالك في الظئر ، وفي غيرها.
واختلف المحصلون في جواز أخذ الأجرة على إرضاع اللباء ، فجوزه أبو جعفر ، ومنعه ابن أصفهان (٢) ؛ لأنه لا يعيش إلا به ، فتعين
__________________
(١) لعله يريد البائن ، وكأنهم يقولون : لا نفقة للبائن في العدة. تمت. أبو حنيفة يقول بوجوب النفقة في المطلقة بائنا ، وأظن أصحابنا كذلك ، فليحقق. (ح / ص).
(٢) ابن أصفهان هو : علي بن أصفهان بن علي الديلمي الزيدي ، الشيخ العلامة ، كان من أصحاب الناصر ، كان هذا الشيخ من أهل العلم الغزير ، والمقالات في الفقه ، ونقل المذهب والتخريجات ، وكان من الزهد والورع على حد عظيم ، قال المنصور بالله : من ورعه أنه هاجر إلى خراسان لفتوى أفتى بها أبو مضر : أنه يجوز مهادنة الباطنية.