القول الثالث : مذهب الشافعي ـ أنها الفجر ، وهو مروي عن ابن عباس ، وجابر ، وعكرمة ، ومجاهد ، واستدلوا بقوله تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) والقنوت في صلاة الفجر ، وبقوله تعالى في سورة بني إسرائيل : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) [الإسراء : ٧٨] فخصها بالذكر.
وقال قبيصة : المغرب لأنها متوسطة في عدد الركعات ، ومتوسطة بين صلاة الليل والنهار ، وقال في الثعلبي : ولما روي عن عائشة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم (أفضل الصلوات عند الله صلاة المغرب) وقال بعضهم : العشاء : لأنها أشد ما على المنافقين.
وقيل : أخفيت ليحافظ الناس على جميع الصلوات ، والقراءة الكثيرة (الْوُسْطى) بالسين ، من الوسط في الشيء ، ومن هنا أخذ أن الوتر غير واجبة ؛ لأن ذلك يبطل الوسط.
وقيل : أراد بالوسطى الخيار ، قال الله تعالى : (أُمَّةً وَسَطاً) [البقرة : ١٤٣] وقال أعرابي يمدح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
يا أوسط الناس طرّا في مفاخرهم |
|
وأكرم الناس أما برّة وأبا |
وقراءة نافع في رواية قالون (الوصطى) بالصاد لمجاورة الطاء ، وتقارب المخرج ، كالصراط ، والسراط ، وقراءة عائشة (والصلاةَ الوسطى) بنصب الصلاة على المدح.
وقوله تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) أي : مطيعين ، عن ابن عباس ، وطائفة من الصحابة ، وقيل : ساكتين عن ابن مسعود ، وغيره ؛ لأنهم نهوا عن الكلام فيها ، ومن هنا استدل على تحريم الكلام ، وقيل : خاشعين ، وقيل : داعين ، وقيل : القنوت القيام في الصلاة ، وقيل : إتمام فروضها.