ذكر للمؤيد بالله ، وهو قول أحمد بن حنبل ، وحجته على إيجاب النفقة عموم هذه الآية ، وقوله تعالى في سورة الطلاق : (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) [الطلاق : ٦] ولم يفصل بين أن تكون رجعيا أو بائنا.
والحامل في هذه المسألة ، والحايل سواء بالاتفاق ، وإنما سقطت السكنى لقوله تعالى في سورة الطلاق : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ) [الطلاق : ٦] فشرط في إسكانها أن تسكن حيث يسكن معها ، وهذا الشرط لا يصح في المبتوتة ، وهذا محتمل (١) ، وفي النهاية جعله حجة لمن أوجب السكنى في المبتوتة (٢).
القول الثاني : مروي عن الناصر ، وهو قول أبي حنيفة : أن لها النفقة والسكنى.
الثالث : قول مالك ، وهو رواية عن القاسم : أنه لا نفقة لها ، ولا سكنى ، وهو قول ابن أبي ليلى ، والأوزاعي ، والامامية ، ومروي عن ابن عباس ، وقال الشافعي : لها السكنى دون النفقة ، إلا أن يكون معها حمل ، فهما لها كلاهما.
وحجة من أسقط حديث فاطمة بنت قيس أنه لما طلقها ابن عمها أبو عمرو بن حفص ثلاثا ، قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (لا نفقة لك ولا سكنى).
قلنا : قد روي أن عمر قال في ذلك : «لا ندع كتاب ربنا ، وسنة نبيئنا صلىاللهعليهوآلهوسلم لقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت» وروي أنه قال : لعلها وهمت ، قال ذلك في محضر من الصحابة ، ولم ينكر عليه ، فدل هذا أنه فهم وجوب النفقة للمبتوتة من الكتاب والسنة.
__________________
(١) ولعله جعل من للتبعيض كما في البيضاوي وغيره ، ويحتمل أن تكون صلة زائدة ، فيقوى الاحتجاج بها على المقصود هنا ، والله أعلم ، وقد ذكره البغوي وغيره.
(٢) وهي دلالة قوية ، ومأخذ ظاهر (ح ص)