البحث
البحث في التفسير الأثري الجامع
والوجه الخامس من الكفر كفر البراءة ، وذلك قوله ـ عزوجل ـ يحكي قول إبراهيم عليهالسلام : (كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ)(١). يعني تبرّأنا منكم ، وقال يذكر إبليس وتبرئته من أوليائه من الإنس يوم القيامة : (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ)(٢) وقال : (إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً)(٣) يعني يتبرّأ بعضكم من بعض». (٤)
دعائم الكفر وشعبه
[٢ / ٣٢٤] وروى بإسناده عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال : «بني الكفر على أربع دعائم : الفسق والغلوّ والشكّ والشبهة.
والفسق على أربع شعب : على الجفاء والعمى والغفلة والعتوّ.
فمن جفا احتقر الحقّ (٥) ومقت الفقهاء وأصرّ على الحنث العظيم.
ومن عمي نسي الذكر واتّبع الظنّ وبارز خالقه ، وألحّ عليه الشّيطان ، وطلب المغفرة بلا توبة ولا استكانة.
ومن غفل جنى على نفسه وانقلب على ظهره وحسب غيّه رشدا ؛ وغرّته الأمانيّ ؛ وأخذته الحسرة والنّدامة ، إذا قضي الأمر وانكشف عنه الغطاء وبدا له ما لم يكن يحتسب.
ومن عتا عن أمر الله شكّ ومن شكّ تعالى الله عليه (٦) فأذلّه بسلطانه وصغّره بجلاله كما اغترّ بربّه الكريم وفرّط في أمره (٧).
والغلوّ على أربع شعب : على التعمّق بالرّأي ، والتنازع فيه ، والزّيغ ، والشقاق.
__________________
(١) الممتحنة ٦٠ : ٤.
(٢) إبراهيم ١٤ : ٢٢.
(٣) العنكبوت ٢٩ : ٢٥.
(٤) الكافي ٢ : ٣٨٩ ـ ٣٩١ / ١.
(٥) وفي بعض النسخ «احتقر الخلق».
(٦) تعالى الله عليه : أي استولى الله عليه وأذلّه بتمكّنه وقدرته.
(٧) أي قصّر في طاعته.