قال أبو جعفر الصدوق : إنّ الله نهى آدم وزوجه عن تناول الشجرة وقد علم أنّهما يتناولانها ، وشاء أن لا يحول بينهما وبين تناولها بالإجبار وسلب الاختيار. لكنّه تعالى منعهما منع زجر وتحذير لغرض الاختبار (١).
قال العلّامة المجلسي : إنّه تعالى لمّا لم يصرف آدم وحوّاء عن تناول الشجرة ، فقد وكلهما إلى اختيارها ، لمصالح في الخلق والتدبير. وقد عبّر عن هذا الإيكال بالمشيئة ، فكأنّه تعالى شاء أن تقع الخطيئة أي أذن في تحقّقها (٢).
وللسيّد عبد الله شبّر ـ هنا ـ بيان مستوف بجوانب البحث جاء فيه : تفسير المشيئة بالعلم. وبذلك فسّر قوله عليهالسلام (٣) : «أمر الله ولم يشأ ، وشاء ولم يأمر. أمر إبليس أن يسجد لآدم وشاء أن لا يسجد». أي علم أنّه لا يسجد.
وكذا قوله : «ونهى آدم عن تناول الشجرة وشاء أن يأكل منها». أي علم أنّه يتناولها.
وأيّد ذلك :
[٢ / ١٣٠١] بما رواه ابن بابويه والد الصدوق في الفقه الرضوي ، حيث قوله عليهالسلام : «قد شاء الله من عباده المعصية وما أراد. وشاء الطاعة وأراد منهم». أي علم منهم المعصية وما أرادها (٤). والطاعة علمها وأرادها.
فهو تعالى يعلم أزلا طاعات عباده أبدا وهو يريدها منهم. ويعلم معاصيهم وهو لا يريدها أي لا يرضاها : (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ)(٥).
وقد أجاد رحمهالله في هذا المجال بما يدفع شبهة الجبر والقول بالقدر (٦).
غير أنّ تفسيرنا للمشيئة ـ هنا ـ بالإذن كان أوفق بتعبير النصّ ، فتدبّر!
قوله تعالى : (وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ)
من المخاطب بخطاب الجمع؟
__________________
(١) هامش البحار ٤ : ١٣٩ / ٣.
(٢) البحار ٤ : ١٣٩ ـ ١٤٠.
(٣) في الحديث المتقدم عن الكافي ١ : ١٥٠ ـ ١٥١.
(٤) فقه الرضا عليهالسلام : ٤١٠ ، باب ١١٩.
(٥) الزمر ٣٩ : ٧.
(٦) راجع : مصابيح أنواره ١ : ٨٨ ـ ٩٣.