في هذا الشكل ـ كما رسمه «جيمس آرثر فندلاي» ـ نجد العالم الأكبر في صورة أبهاء متراكبة بعضها فوق بعض مملوءة بالحياة ، ويرى الحياة في حركتها إلى أعلى وأسفل في شكل خطوط منحنية على السطوح. وتمثّل الصلبان الصغيرة الحياة على الأرض. أمّا النقط فتمثّل الحياة الأثيرية ويلاحظ أنّها ليست مقصورة على السطوح وحدها ، لأنّ الأفضية بين السطوح ملؤها الحياة سابحة فيها! (١).
مسائل ودلائل
هنا عدّة أسئلة تستدعي الوقوف لديها :
١ ـ (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)
قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)(٢).
وقال : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)(٣).
هلّا كان التعبير بالفلك متابعة لما حسبه بطلميوس؟
قلت : لا ، لأنّ الفلك لفظة عربيّة قديمة يراد بها الشيء المستدير ، ومن الشيء مستداره. قال ابن فارس : الفاء واللام والكاف أصل صحيح (٤) يدلّ على استدارة في شيء. من ذلك «فلكة المغزل» لاستدارتها. ولذلك قيل : فلك ثدي المرأة ، إذا استدار. ومن هذا القياس : فلك السماء (٥).
إذن ، فكما أنّ السماء مستديرة حتّى في شكلها الظاهري ، فكلّ ما يسبح في فضائها يسير في مسلك مستدير. وبذلك صحّت استعارة هذا اللفظ.
والدليل على أنّها استعارة هو استعمال اللفظة بشأن الليل والنهار أيضا. أي أنّ لكلّ ظاهرة من الظواهر الكونيّة مجراها الخاصّ وفي نظام رتيب لا تجور ولا تحور.
__________________
(١) راجع : ملحق كتابه «على حافّة العالم الأثيري» ترجمة أحمد فهمي أبو الخير (ط ٣) : ١٩٩.
(٢) الأنبياء ٢١ : ٣٣.
(٣) يس ٣٦ : ٤٠.
(٤) مقصوده من الأصل : كونها ذات أصالة عربيّة وليست مستعارة من لغة أجنبيّة.
(٥) معجم مقاييس اللغة ٤ : ٤٥٢ ـ ٤٥٣.