استدلّ بإظهار جميله في الدنيا على إظهار جميله في الآخرة على رؤوس الأشهاد ونحو ذلك من الاعتبارات ـ الّتي لا تمسّ غرور النفس ـ فليس ذلك السرور رياء أو سمعة. وإن كان سروره باعتبار رفع منزلته في أعين الناس وتعظيمه وتوقيره ونحو ذلك من تسويلات النفس وتلبيسات الشيطان ، فهو رياء وخارج بالعمل من كفّة الحسنات إلى كفّة السيّئات.
قال المجلسي ـ تعقيبا على ذلك ـ : ويمكن أن يكون ذلك نظرا لاختلاف درجات الناس ومراتبهم في الكمال النفسي ، فإنّ تكليفا مثل ذلك قد يشقّ على من لا ترويض له في الخلوص والاجتهاد في الإخلاص لله تعالى محضا. إنّما التكاليف حسب استعدادات الناس وتفاوتهم في الكمال العقلاني (١).
قلت : ويؤيّد ذلك :
[٢ / ٣٧٦] ما رواه الكليني بإسناده عن يونس عن بعض أصحابه عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : قال الله ـ عزوجل ـ لداوود عليهالسلام : يا داوود ، بشّر المذنبين وأنذر الصدّيقين. قال : كيف أبشّر المذنبين وأنذر الصدّيقين؟ قال : يا داوود ، بشّر المذنبين أنّي أقبل التوبة وأعفو عن الذنب. وأنذر الصدّيقين أن لا يعجبوا بأعمالهم ، فإنّه ليس عبد أنصبه للحساب إلّا هلك» (٢) أي المداقّة هناك مع المقرّبين شديدة.
[٢ / ٣٧٧] وروى بالإسناد إلى عليّ بن سويد عن الإمام أبي الحسن الكاظم عليهالسلام قال : سألته عن العجب الّذي يفسد العمل؟ فقال : «العجب درجات ، منها : أن يزيّن للعبد سوء عمله فيراه حسنا فيعجبه ويحسب أنّه يحسن صنعا. ومنها : أن يؤمن العبد بربّه فيمنّ على الله ـ عزوجل ـ ولله عليه فيه المنّ» (٣).
[٢ / ٣٧٨] وروى بالإسناد إلى عبد الرحمان بن الحجّاج عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إنّ الرجل ليذنب الذنب فيندم عليه ، ويعمل العمل فيسّره ذلك ، فيتراخى عن حاله تلك ، فلأن يكون على حاله تلك خير له ممّا دخل فيه» (٤).
[٢ / ٣٧٩] وروى عن محمّد بن يحيى بالإسناد إلى إسحاق بن عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «أتى
__________________
(١) المصدر : ١١٧.
(٢) الكافي ٢ : ٣١٤ / ٨.
(٣) المصدر : ٣١٣ / ٣.
(٤) المصدر / ٤.