ولم يعذّب الله أحدا ممّن مات وهو متّبع لمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم على ذلك إلّا من أشرك بالرّحمان.
وتصديق ذلك أنّ الله أنزل عليه في سورة بني إسرائيل بمكّة : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) ـ إلى قوله ـ (إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً)(١) أدب وعظة وتعليم ونهي خفيف ولم يعد عليه ولم يتواعد على اجتراح شيء ممّا نهى عنه وأنزل نهيا عن أشياء حذّر عليها ولم يغلّظ فيها ولم يتواعد عليها. وقال : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً. وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً. وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً. وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً. وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً. وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً. وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً. كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً. ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً)(٢).
وأنزل في (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى : فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى. لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى. الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى)(٣) فهذا مشرك.
وأنزل في (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ : وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ. فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً. وَيَصْلى سَعِيراً. إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً. إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ. بَلى)(٤) فهذا مشرك.
وأنزل في تبارك : (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ. قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ)(٥) فهؤلاء مشركون.
وأنزل في الواقعة : (وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ. فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ. وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ)(٦) فهولاء مشركون.
وأنزل في الحاقّة : (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ. وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ. يا
__________________
(١) الإسراء ١٧ : ٢٣.
(٢) الإسراء ١٧ : ٣١ ـ ٣٩.
(٣) الليل ٩٢ : ١٤ ـ ١٦.
(٤) الانشقاق ٨٤ : ١٠ ـ ١٤.
(٥) الملك ٦٧ : ٨ ـ ٩.
(٦) الواقعة ٥٦ : ٩٢ ـ ٩٤.