و (وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ) يعني : أن الطيبات من القول لا تليق إلا بالطيبين من الناس وكذلك يعني : في قوله (١) : (وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ).
هذا هو الأشهر ، لأن هذه الآية إنما نزلت في حديث الإفك (٢) ، ولأنه قال في آخر الآية : (أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ) يعني : عائشة رضي الله عنها (٣).
٢٧ ـ و (حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) قال بعض علماء العربية : معناه تستعلموا (٤) ، وقال بعضهم : حتى تعلموا ما في الدار بالاستئذان ، ومعنى القولين واحد ، ومنه قوله تعالى : (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) [النساء : ٦] أي : علمتم (٥) ، ومنهم من قال : معنى تستأنسوا بإذن الذين تريدون الدخول إليهم (٦).
وأما أهل التفسير من السلف فجاء منهم عن ابن عباس أن معناه تستأذنوا وأن فيه تقديما وتأخيرا ، والمعنى حتى تسلموا على أهلها وتستأنسوا (٧) ، وقال مجاهد هو التنحنح والتنخم (٨) ، ويروى عن ابن عباس في قوله : (حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) أنه قال : أخطأ الكاتب ، إنما هو حتى تستأذنوا (٩) وبعضهم يروي هذا القول عن سعيد بن جبير (١٠).
وهذا لا يصح أبدا عنهما ، وكيف ذلك وقد علما أن الله سبحانه يقول : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) وفيما قدمنا من أقوال
__________________
(١) انظر : معاني القرآن وإعرابه : (٤ / ٣٧).
(٢) انظر : تفسير الطبري : (١٨ / ١٠٦ ـ ١٠٨).
(٣) انظر : تفسير الغريب : (٣٠٢).
(٤) انظر : معاني القرآن وإعرابه : (٤ / ٣٩).
(٥) انظر : تفسير الغريب : (٣٠٣).
(٦) انظر : الناسخ والمنسوخ للنحاس : (١٩٦).
(٧) انظر : تفسير الطبري : (١٨ / ١١٢).
(٨) انظر : الناسخ والمنسوخ للنحاس : (١٩٦).
(٩) انظر : تفسير الطبري : (١٨ / ١٠٩).
(١٠) انظر : الناسخ والمنسوخ للنحاس : (١٩٥).