النبي عليهالسلام سنة الحديبية على أن يرد إليهم من جاء منهم إليه مسلما (١) ، وحين فرغ من كتب العهد بينهم جاءته سبيعة بنت الحارث مسلمة ، وجاء زوجها يقول : يا محمد ردها عليّ ، فإن ذلك شرطنا عليك ، ولم يجف ختم الكتاب ، فأنزل الله تعالى : (إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ) الآية ... فأعطاه النبي صلىاللهعليهوسلم صداقه الذي كان أعطاها ، ولم يردها إليه ، وقال له : «إنما كان شرطكم في الرجال ولم يكن في النساء» (٢).
وأما الحكمان المنسوخان : فقوله تعالى : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) [الممتحنة : ١٠] ، نسخها تعالى بتزوج نساء أهل الكتاب (٣) ، وقوله تعالى : (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ) [الممتحنة : ١٠] الآية ... أمروا بذلك في وقت المهادنة ، فلما ارتفعت المهادنة ، ووقع السيف وكان الفتح ، ارتفع الحكم بذلك ، فهو من جنس الآي المنسوخة بآية السيف (٤).
وقوله تعالى : (وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ) [الممتحنة : ١١] الآية ... قال قتادة يعني : الكفار الذين ليس بينهم عهد ، قال : ثم نسخ ذلك في سورة براءة (٥) ، وقال ابن شهاب : انقطع ذلك يوم الفتح (٦) ، وقد قيل ، إنها منسوخة بقوله (٧) : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) الآية ... ونزلت في أم الحكم بنت أبي سفيان ، وذلك أنها فرت مرتدة إلى المشركين ، وكانت تحت عياض بن غنم رحمهالله ، فعظم عليه فراقها ، فأمر الله رسوله (٨٨ و) أن يعطي عياضا من الغنيمة بقدر ما ساق إليها من
__________________
(١) انظر : الإيضاح : (٣٧٤).
(٢) انظر : الإيضاح : (٣٧٤) وأسباب النزول : (٢٤١).
(٣) انظر : الإيضاح : (٣٧٥).
(٤) انظر : الإيضاح : (٣٧٦).
(٥) انظر : الناسخ والمنسوخ للنحاس : (٢٤٩) والإيضاح : (٣٧٨).
(٦) انظر : الناسخ والمنسوخ للنحاس : (٢٤٩).
(٧) انظر : الناسخ والمنسوخ لابن العربي : (٢ / ٣٨٦).