و (مُتَشابِهاتٌ) أي : التي لا تحتاج إلى تأويل (١).
و (زَيْغٌ) أي : جور وميل عن الحق (٢).
__________________
ـ لي نصير ، فيقول القوم : نحن نصيرك ، و : ما لي أنصار ، فيقول الواحد : أنا أنصارك ، وهو يشبه دعني من تمرتان على الحكاية ، يعني : إذا قال القائل لصاحبه : ما عندي إلا تمرتان ، فيجيبه الآخر بحكاية قوله" : وأنشد قول الشاعر :
تعرّضت لي بمكان حلّ |
|
تعرض المهرة في الطّولّ |
تعرّضا لم تأل عن قتلا لي |
وأراد : لم تأل عن أن تقول : قتلا لي ، فجعله على الحكاية ، لأنّه كان منصوبا قبل ذلك ، كما تقول : نودي بالصلاة الصلاة ، حكاية لقول القائل : الصلاة الصلاة ، قال : وقد قيل إنما هو : " تعرضا لم تأل أن قتلا لي" ولكنه جعله عينا ؛ لأن أن في لغة هذا الشاعر يجعل في موضعها عن ، وقد قال الشاعر :
قال الوشاة لهند : عن تصارمنا |
|
ولست أنسى هوى هند وتنساني |
أراد : أن تصارمنا ، فأبدل ؛ وإنما قال شاعر البيت الأول : (قتلا لي) ؛ لأنّه نصبه على الأمر ، كما تقول : ضربا لزيد ، وقد اعترض على هذا القول باعتراضات تمنع طريقة الاختصار من ذكرها وتمييز صحيحها من عليلها.
وقال بعض العلماء : نظير قوله تعالى : (هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) (على التأويل الذي تقدم في توحيد الأم وهي خبر لهن) قول الله سبحانه : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً)[المؤمنون : ٥٠] ، ولما مضى من الكلام في هذه لم يقل : آيتين ؛ لأن معناه : وجعلناهما جميعا آية ، ولو أراد : أنّ كل واحد منهما آية على انفراده ؛ لقال تعالى : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ) آيتين ؛ لأنّه قد كان في كل واحد منهما عبرة لهم ، وذلك أن مريم عليهاالسّلام ولدت من غير رجل ، ونطق ابنها عليهالسلام في المهد ، وهو صبيّ لا يجوز من مثله النطق.
قلت أنا : وقد قال أبو العباس المبرّد في هذا المعنى قولا حسنا ، وكان إسماعيل بن إسحاق القاضي يذكره كثيرا على وجه الاستحسان له ، وهو أنّه قال : " إنما وحّد سبحانه صفتهما ، فقال : جعلناهما آية وهما اثنان ؛ لأنّ المعنى الذي أعجز منهما شيء واحد ، وذلك أنّ مريم عليهاالسّلام ولدت من غير ذكر ، وولد عيسى عليهالسلام من غير أب ، فلو كان هناك زوج لكان أباه وزوجها ، فلما كان المعنى المعجز منهما شيئا واحدا حسن أن يقول سبحانه : جعلناهما آية ، وهما اثنان. وهذا حسن جدّا ، وقد ورد في المسألة ما فيه مقنع بتوفيق الله تعالى.
(١) انظر : تفسير الطبري (٨ / ١٧٢).
(٢) انظر : مجاز القرآن (١ / ٨٦).