لكن هذا يقتضي كون الضمير في (وَمَنْ دَخَلَهُ) راجعا إلى الحرم لا إلى البيت أو بكّة ، والمذكور هما لا غيرهما ويمكن أن يرجع الضمير إلى مقام إبراهيم ويراد بمقام إبراهيم الحرم كلّه على ما يروى عن ابن عباس أنّه قال الحرم كلّه مقام إبراهيم وهو مبنىّ على أن يراد المقام لغة وهو ما أقام فيه أو توسّع فيه فأطلق اسم الجزء على الكلّ وفي حسنة عبد الله بن سنان (١) قال سألته عن قول الله عزوجل (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) البيت عنى أو الحرم؟ قال : من دخل الحرم مستجيرا من النّاس فهو آمن من سخط الله ومن دخله من الوحش والطير كان آمنا أن يهاج أو يؤذى حتى يخرج من الحرم ، وهي صريحة في كون الضمير للحرم ويؤيّد ذلك قوله تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) (٢).
وبالجملة الحكم بعدم إقامة الحدّ في الحرم على من التجأ إليه ممّا ذهب إليه أصحابنا وقد تظافرت أخبارهم بذلك إلّا أنّ الاستناد في الحكم إلى ظاهر الآية بعيد لعدم ظهورها
__________________
ـ في الحل ثم دخل الحرم؟ فقال : لا يقتل ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولا يؤوى حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحد قلت فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق فقال يقام عليه الحد صاغرا انه لم ير للحرم حرمة وقد قال الله تعالى (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) يقول هذا في الحرم فقال لا عدوان الا على الظالمين.
وكذالك أخبار أخر انظر العياشي ج ١ ص ١٨٩ والبرهان ج ١ ص ٣٠١ ونور الثقلين ج ١ ص ٣٠٧ والبحار ج ٢١ ص ١٧ والوسائل الباب ١٤ من أبواب مقدمات الطواف ج ٢ ص ٢٩٨ والوافي الجزء الثامن ص ١٧ ومستدرك الوسائل ج ٢ ص ١٣٩.
وبمضمونه أيضا أخبار أهل السنة انظر الدر المنثور ج ٢ ص ٥٤ وص ٥٥.
(١) انظر التهذيب ج ٥ ص ٤٤٩ الرقم ١٥٦٦ والفقيه ج ٢ ص ١٦٣ الرقم ٧٠٣ والكافي ج ١ ص ٢٢٨ باب في قوله تعالى (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) الحديث ١ وهو في المرآة ج ٣ ص ٢٦١ ومنتقى الجمان ج ٢ ص ٢٦٩ والوافي الجزء الثامن ص ١٧ والوسائل الباب ١٤ من أبواب مقدمات الطواف الحديث ١٢ ج ٢ ص ٢٩٨ ط الأميري.
(٢) العنكبوت : ٦٩.