بقوله (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) قال : والقانع السّائل والمعترّ الّذي لا يسأل.
ونقل عن الشافعيّ أكل النّصف والتصدّق بالنصف مستدلّا بقوله تعالى (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) وأجاب بأنّه لا ينافي الاهداء الثابت بالآية الأخرى ، ومقتضاه أنّ البائس الفقير في هذه الآية هو القانع ، وهو محلّ الصدقة ، فيبقى الاهداء إلى المعترّ ثابتا بالآية الأخرى ، فينقسم أثلاثا.
[إذ ليس في شيء من الآيتين الحصر فيما ذكر فيها ، فجاز الترك اعتمادا على ما في الأخرى ، فيكون قد أوجب في الهدي ثلاث حصص ، والأصل عدم التفاوت فيها مع عدم القائل به ، فيكون كلّ حصّة ثلثا وقد يقال : الظاهر أنّ كلّا من الآيتين عامّ في إفادة ما هو الواجب المذكور فيها ، مع أنّ في حمل البائس على ما ذكر نظرا فتأمّل].
ويمكن أن يقال بالتخيير بين الدفع إليهما أو إلى الفقير ، أو يقال بوجوب إطعام القبيلين معا بأن يكون البائس الفقير غير القانع والمعترّ فينقسم أثلاثا وفي صحيحة صفوان عن معاوية بن عمّار (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله عزوجل (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) قال : القانع الّذي يقنع بما أعطيته ، والمعترّ الّذي يعتريك ، والسائل الّذي يسألك والبائس هو الفقير. إشعار بذلك.
ويؤيّده ما رواه الشيخ في الصحيح (٢) عن سيف التمّار قال قال أبو عبد الله عليهالسلام إنّ سعد بن عبد الملك قدم حاجا فلقي أبي فقال إنّي سقت هديا فكيف أصنع به؟ فقال له أبي أطعم أهلك ثلثا وأطعم القانع والمعترّ ثلثا ، وأطعم المساكين ثلثا. قلت المساكين هم السؤّال؟ قال نعم ، وقال : القانع الّذي يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها ، والمعترّ ينبغي له أكثر من ذلك ، وهو أغنى من القانع ، ولا يسألك.
__________________
(١) هذا ذيل الحديث المذكور آنفا رواه في التهذيب بالرقم ٧٥١ وذيله الكافي والفقيه.
(٢) انظر التهذيب ج ٥ ص ٢٢٣ الرقم ٧٥٣ وهو في الوافي الجزء الثامن ص ١٧٣ والوسائل ج ٢ ص ٣٥٨ ط الأميري.