اللغويّين قال المبرّد نظيره حبسه جعله في الحبس وأحبسه عرضه للحبس ، فيكونان متغايرين.
واختلف في المراد به هنا فعند الشّافعيّ المراد به حصر العدوّ بقرينة قوله (فَإِذا أَمِنْتُمْ) ويؤيّده نزول الآية عام الحديبية حيث صدّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها ، وقول ابن عبّاس لا حصر إلّا حصر العدوّ ، وإليه يذهب مالك ، وقضيّة هذا القول عدم ثبوت حكم الإحصار مع المرض ، بل يصبر حتّى يبرأ إلّا أن يشترط على ربّه أن يحلّه حيث حبسه وقال أبو حنيفة : المراد به كلّ منع من عدوّ أو مرض أو غيرهما ، لما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم من كسر أو عرج فقد حلّ وعليه الحجّ من قابل (١).
والظاهر من أصحابنا أنّهم حملوه على الإحصار بالمرض ، وهو الظاهر من الإحصار عند أهل اللّغة كما عرفت ، وأوجبوا فيه البعث وتأخير الإحلال إلى بلوغ الهدي محلّه وجعلوا المنع بالعدوّ مخصوصا باسم الصدّ ، وحكموا بذبح الهدي في مكانه ، والإحلال من إحرامه من غير تأخير كما نقل عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم عام الحديبية لمّا صدّه المشركون حيث نحر في مكانه وأحلّ.
ويرد على الشافعيّ : أنّا لا نسلّم أنّ سبب النزول ذلك وقوله (فَإِذا أَمِنْتُمْ) لا يختصّ بالعدوّ بل يشمله ويشمل المرض أيضا [فإنّ مدار الحكم فيه على الأمن سواء كان من خوف العدوّ أو من ضرر المرض] (٢) وإن لم يكن المذكور سابقا حكم
__________________
(١) الكشاف ج ١ ص ٢٤٠ ط دار الكتاب العربي قال ابن حجر في تخريجه أخرجه أصحاب السنن وأحمد وإسحاق وابن أبي شيبة والطبراني من حديث عكرمة عن ابن عمرو بن غزية الأنصاري.
قلت وأخرجه الحاكم أيضا في المستدرك ج ١ ص ٤٧٠ وقال هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه وأخرجه أيضا في ص ٤٨٣ وفيه حديث آخر أيضا بلفظ «وعليه حجة أخرى».
(٢) ما بين العلامتين في هامش قض ومتن عش وسن مع اختلاف.