(وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) أى من جهالتهم واستخفافهم بأحكام الله وهي كلمة تستعمل في العذاب والهلاك كالويح والويس.
(الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) الّتي أوجبها الله على عباده لبخلهم وعدم إشفاقهم على الخلق وذلك من أعظم الرذائل الموجبة لعذابهم وقيل معناه لا يطهّرون أنفسهم من الشرك بقول لا إله إلّا الله وهي زكاة الأنفس ، وهو بعيد ، والظاهر الأوّل.
(وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) حال عنهم مشعرة بأنّ امتناعهم من الزكاة لاستغراقهم في طلب الدنيا وإنكارهم للاخرة ، وفيها دلالة واضحة على وجوب الزكاة على الكفّار لأنّه يفهم منه أنّ للوصف بعدم إيتاء الزكاة دخلا في ثبوت الويل لهم ، ويلزم من وجوبها عليهم كونهم مخاطبين بالفروع ، لعدم القول بالفرق ، ولكن انعقد الإجماع على أنّها لا تصحّ منهم إلّا بعد الإسلام ، ودلّ عليه أيضا قوله تعالى (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ) (١) فقول بعض من الأصحاب بصحّة عتق الكافر ووقفه ، لا يخلو من بعد. لعدم النيّة المعتبرة المشتملة على القربة ، وكذا انعقد الإجماع على سقوطها عنهم بعد الإسلام ، ودلّ عليه قوله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) (٢) وما روى عنه صلىاللهعليهوآله «الإسلام يجبّ ما قبله (٣)» وفائدة إيجابها عليه
__________________
(١) براءة : ٥٥.
(٢) الأنفال : ٣٨.
(٣) الحديث رواه في تفسير على بن إبراهيم عند تفسير الآية ٩٠ من سورة الإسراء (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) أنه شفعت أم سلمة أخاها عبد الله بن أبي أمية حين أسلم ولم يكن رسول الله (ص) يقبله فقالت الم تقل ان الإسلام يجب ما كان قبله؟ قال (ص) نعم فقبل رسول الله (ص) إسلامه.
ورواه عنه في البرهان ج ٢ ص ٤٥٠ ونور الثقلين ج ٣ ص ٢٢٦ الرقم ٤٤٧ ورواه عن تفسير على بن إبراهيم أيضا البحار ج ٦ باب فتح مكة.
واستشكل على الحديث بوجهين :
الأول ان الإسلام ليس من العقود حتى يحتاج الى القبول فما معنى عدم قبول رسول الله ـ