النسك ذبح الهدي ، فكأنّه قال يذبح ويرجع ، وإن لم يجد هديا ولا ثمنه صام بدله ونحوه روى ابن بابويه عنه في الصّحيح ولا بأس بالمصير إليه.
وما الواجب في الصوم حينئذ؟ يحتمل عشرة لأنّه بدل الهدي ويكون إطلاق الصوم في الأخبار إشارة إليه ، ويحتمل ثلثة أيّام ، ويحتمل ما يصدق عليه الصوم مطلقا من غير تعيين لصدق الصوم ، وأصالة عدم الزيادة ولكن الاحتياط في الأوّل وأحوط منه البقاء إلى أن يتحقّق الهدى أو يأتي بأفعال ما أحرم له ويحتمل الانتقال إلى العمرة المفردة كما يقوله الأصحاب فيمن فاته الحجّ ولا يخفى ما فيه.
العاشر : حيث بيّنا حكم الآية في المحصر بالمرض فالمصدود بالعدوّ حكمه عند أصحابنا أن يذبح مكانه حلا كان أو حرما وقد اتّفق العامّة والخاصّة على أنّه عليهالسلام ذبح أو نحر بالحديبية لمّا صدّه المشركون ، وهي من الحلّ ، وقول صاحب الكشاف أنّ الذبح طرف الحديبية الّذي إلى أسفل مكّة وهو من الحرم غير واضح ، وقد نقل الطبرسيّ في مجمع البيان (١) عن مالك أنّ الحديبيّة ليست من الحرم.
وقد روي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نحر هديه عند الشجرة (٢) الّتي كانت تحتها بيعة الرضوان وهي من الحلّ باتّفاق أهل النقل ، ويؤيّد ما نقوله قوله تعالى (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) (٣) فإنّها صريحة
__________________
(١) انظر المجمع ج ١ ص ٢٩٠ الا أن مراد صاحب المجمع غير ما افاده المصنف وانما أراد الطبرسي النقل عن مالك أن محل الذبح الموضع الذي يصد فيه لا كون الحديبية من الحل أو الحرم فراجع.
وفي معجم البلدان ج ٢ ص ٢٢٩ ط بيروت : وبعض الحديبية في الحل وبعضها في الحرم وهو أبعد الحل من البيت وليس هو في طول الحرم ولا في عرضه بل هو مثل زاوية الحرم فلذلك صار بينها وبين المسجد أكثر من يوم وعند مالك بن انس أنها جميعها من الحرم.
(٢) انظر تفسير الطبري ج ٢ ص ٩٧ وسنن البيهقي ج ٥ ص ٢١٧ و ٢١٨.
(٣) الفتح : ٢٧.