على النحر والإحلال من غير تعرّض لشيء من الحلق أو التقصير فيمكن القول بعدم وجوب شيء منهما عملا بمقتضى الأصل ، وفعله عليهالسلام غير واضح في الوجوب خصوصا مع قيام الدّليل على العدم والاحتياط لا يترك ، ويمكن حمل الآية على ما يعمّ المصدود بالعدوّ أيضا بأن يراد من الإحصار المنع مطلقا بالعدوّ أو المرض ، وقد صرّح الطبرسيّ في مجمع البيان بذلك حيث قال : وقوله تعالى (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) فيه قولان أحدهما معناه إن منعكم خوف أو عدوّ أو مرض فامتنعتم لذلك عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وعطا وهو المرويّ عن أئمتناعليهمالسلام.
وهذه دعوى عارية عن الدلالة إذ أخبار أئمّتنا عليهمالسلام ما ذكرناها سابقا ، ولعلّه نظر إلى بعض الأخبار المشتملة على تسوية الحكم بين الصدّ والحصر من غير نظر إلى المعارض في الصدّ على ما عرفت ومع تسليم ذلك فيكون وجوب ما استيسر من الهدي متعلّقا بكلّ منهما ، ويكون وجوب البعث والصبر إلى أن يبلغ الهدي محلّه مخصوصا بالمرض كما ذهب إليه الأكثر ، لقيام الأدلّة على ذبح المصدود مكانه.
وأخذ أبو الصّلاح بظاهر العموم فأوجب بعث هدى المصدود أيضا كالمحصر وجعله الشيخ في الخلاف أفضل وهو من البعد بمكان كما بعد قول ابن إدريس بإسقاط الهدي عن المصدود نظرا إلى أنّ الأصل براءة الذمّة ، وقوله (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) إنّما يتناول الإحصار بالمرض دون غيره ، ووجه البعد تظافر الأدلّة بوجوبه عليه أيضا كما نقل عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه ذبح بالحديبية وغير ذلك من الأخبار وعموم الآية إن حملنا الحصر على المنع مطلقا.
نعم لا يختصّ بموضع دون موضع كما يذهب إليه الحنفيّة من وجوب ذبحه في الحرم إن كان وإلّا بعث به إليه ، لأنّه بعيد على ما عرفت ، فانّ مقتضى الأدلّة أنّ التحلّل بالذبح ففي أيّ موضع أراده تحلّل بل في صحيحة معاوية دلالة على جواز الذبح بعد الرّجوع إلى منزله في المحصور ، وهو يقتضي جواز ذلك في المصدود بطريق أولى فلا يبعد جواز الذبح في منزله أيضا.
ولو اجتمع الصدّ والإحصار في موضع واحد ، فقد رجّح الشهيد في الدروس