والعلّامة في المنتهى بعد أن حكم بأنّ وقت وجوب الصّوم هو وقت وجوب الهدي أورد سؤالا بأنّه كيف جاز الانتقال إلى البدل قبل زمان المبدل مع عدم تحقّق العجز عنه؟ وأجاب بأنّ مبنى التّجويز على ما هو الظاهر من حال المعسر واستمرار إعساره.
قلت : بعد ثبوت الحكم بالأخبار لا حاجة إلى هذا الاعتبار ، إلّا أنّه كالمؤيّد لها فتأمّل.
ولا يجب الصّوم في الأيّام المذكورة بل يجوز له التأخير عنها كما صرّحت به صحيحة ابن سنان (١) عن الصادق عليهالسلام قال سألته عن رجل لم يجد هديا قال فليصم ثلثة أيّام ليس فيها أيّام التّشريق ، ولكن يقوم بمكّة حتّى يصومها الحديث ، وهل يجوز صومها من أوّل شهر ذي الحجّة بعد التلبّس بإحرام العمرة؟ قيل نعم ، وهو ظاهر الشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف فإنّه صرّح فيها بأنّه قد وردت رخصة في جواز تقديم الصّوم للثلثة من أوّل ذي الحجّة ونحوه قال في التهذيب إلّا أنه قال بعد ذلك والعمل على ما رويناه أوّلا ، وأراد به عدم التقديم.
وأنكر ابن إدريس التقديم بل ظاهر كلامه يعطي الإجماع على عدم جواز الصّوم قبل اليوم السابع ، والحق أنّ الرّواية الدّالّة على التقديم أوّل الشهر ضعيفة مع أنّها مطلقة في جواز الصّوم ، وإن لم يتلبّس بالإحرام ، وهو خلاف الإجماع ، إذ هو بمثابة تقديم الواجب على سببه.
نعم بين الأصحاب اختلاف في جوازه بعد إحرام العمرة ، وظاهر بعضهم الجواز ، لصدق التلبّس بالحجّ والشّروع فيه معها ، ولأنّه يستحبّ الصّوم يوم السّابع وتاليه والإحرام بالحجّ إنّما يستحبّ يوم التروية فيكون الصّوم مقدّما على الحجّ ، وظاهر بعضهم أنّه لا يجب قبل إحرام الحجّ والنّزاع كاللفظيّ فانّ التلبّس
__________________
(١) النظر التهذيب ج ٥ ص ٢٢٨ الرقم ٧٧٤ والاستبصار ج ٢ ص ٢٧٦ الرقم ٩٨٣ وللحديث تتمة وأورد الحديث في المنتقى ج ٢ ص ٥٥٧ وهو في الوافي الجزء الثامن ص ١٧٦ والوسائل الباب ٥١ من أبواب الذبح الحديث ١ ج ٢ ص ٣٦٢ ط الأميري.