المحرّم خرجت إلى ذات عرق وأهللت منها بعمرة ، وقالوا لعلّ من مذهب عروة تأخير طواف الزّيارة إلى آخر الشهر انتهى.
وفيه ما فيه (١) فإنّ الظاهر من كون الوقت وقت الحجّ أنّه يصحّ وقوعه فيه لا كراهة غيره فيه ، نعم لو كان ذلك حراما لكان مناسبا في الجملة ، ولعلّ من مذهب عمر ذلك حيث كان يضرب بالدّرة ، وإلّا فالضرب على فعل مكروه لا وجه له.
والوجه الصّحيح ما ذكره أخيرا من جواز تأخير طواف الزّيارة إلى آخر الشهر فانّ ذلك ممّا يصحّح تسمية ذي الحجة بتمامه شهر الحجّ كما أشرنا إليه سابقا من كون ثمرة الخلاف صحّة وقوع بعض الأفعال طول الشّهر ، فتأمّل.
ومقتضى كون الحجّ (أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) عدم جواز الإحرام بالحجّ في غيرها ، لظهور الكلام في الانحصار بها ، فلو انعقد في غيرها كان المبتدأ أعمّ من الخبر ، وهو باطل ولأنّ الإحرام لا يبقى صحيحا لأداء الحجّ ، إذا ذهب وقت الحجّ قبل الأداء ، فلأن لا ينعقد صحيحا لأداء الحجّ قبل الوقت أولى ، لأنّ البقاء أسهل من الابتداء ، وعلى هذا أصحابنا أجمع ، وأكثر العامّة ، وفي أخبارنا دلالة على ذلك أيضا.
وإنّما خالف في ذلك أبو حنيفة فجوّز الإحرام بالحجّ في غيرها من جميع السّنة محتجّا عليه بقوله تعالى (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ) (٢) حيث دلّت على كون الأهلّة بتمامها مواقيت الحجّ [وحيث لم يكن مواقيت لاداء الحجّ كانت مواقيت لصحّة الإحرام ، ويجوز أن يسمّى الإحرام حجّا] وجوابه أنّها عامّة وما نحن فيه خاصّ ، وهو مقدّم على العامّ ، ولأنّ الميقات علامة الوقت ، فلو لا الأهلّة
__________________
(١) وفي سن هكذا : ويبقى الكلام في الخفق بالدرة فإن الظاهر أنه انما يكون في الحرام ولعل من مذهب عمر ذلك والا فالضرب على فعل مكروه لا وجه له ، الا أن يقال : الخفق لاستمرار الناس عليه فتأمل.
(٢) البقرة : ١٨٩.