لم يعلم بدخول كلّ شهر على اليقين ، فجميع الأهلّة في الإعلام سواء بالنسبة إلى وقت مفروض ، فلا منافاة بين كون جميع الأهلّة علامات الحجّ من حيث إنّها تؤذن بما بقي من السّنة إلى أوان الحجّ وهي كون الأشهر المعلومات وقتا للحجّ.
وربما احتجّوا أيضا بأنّ الإحرام التزام الحجّ فجاز تقدّمه على الوقت كالنذر وجوابه أنّه قياس مع ظهور الفرق بينهما ، فانّ الوقت معتبر للأداء ولا اتّصال للنذر بالأداء فإنّ النذر لا يتصوّر إلّا بعقد مبتدأ ، وأمّا الإحرام فهو وإن كان التزاما إلّا أنّه شروع في الأداء وعقد عليه فلا جرم افتقر إلى الوقت.
قالوا اشتهر بين الصّحابة أنّهم قالوا من إتمام الحجّ أن يحرم من دويرة أهله وقد يبعد داره بعدا شديدا يحتاج إلى أن يحرم قبل شوّال.
والجواب أنّ النصّ لا يعارضه مثل هذا الأثر على أنّه يمكن تخصيصه في حقّ من لا يكون داره بعيدة ، وبالجملة فقول أبي حنيفة هنا بعيد ، مخالف للنصّ ، فإنّه اقتضى عدم جواز إنشاء الإحرام في غير أشهره وقوله بالكراهة لا يدفع المخالفة.
وربما ذهب بعض أصحابنا إلى أنه لو أحرم بالحجّ في غيرها انعقد عمرة مفردة وهو بعيد.
وما استدلّ به من رواية أبي جعفر الأحول (١) عن الصّادق عليهالسلام في رجل فرض الحجّ في غير أشهر الحجّ قال يجعلها عمرة ، غير واضح الدّلالة ، إذ يجوز أن يكون المراد أنّ من أراد فرض الحجّ في غير أشهره لا يقع حجّة صحيحا ، بل ينبغي أن يجعل النّسك الّذي أراد فعله عمرة ليصحّ له ذلك ، مع أنّ الرّواية ضعيفة السند.
وفي حكم الإحرام بالحجّ الإحرام بعمرة التمتّع ، لأنّها داخلة في الحجّ ومرتبطة به كما دلّ عليه الأخبار ، ويؤيّده ما روي (٢) صحيحا عنهم عليهمالسلام دخلت
__________________
(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٧٨ الرقم ١٣٦١ وهو في الوسائل الباب ١١ من أبواب أقسام الحج الحديث ٧ ج ٢ ص ١٦٩.
(٢) انظر فيض القدير ج ٣ ص ٥٢٢ الرقم ٤١٩٠ من الجامع الصغير وعليه رمز م د عن جابر ود ت عن ابن عباس وفي فيض القدير رواه عن ابن عباس البزار ، والطبراني والطحاوي.