الّتي هي بدل من الواو لاختصاصها بالمؤنّث كتاء التأنيث فأبت تقديرها انتهى ويظهر من ذلك جواز الأمرين فيها.
وقد اختلف في سبب تسمية الموقف المعلوم بعرفات (١) فقيل لأنّ إبراهيم عليهالسلام وصفت له أوّلا فلما رآها قال عرفت ، وقيل إنّ آدم وحوّا اجتمعا فيه فتعارفا بعد أن افترقا ، وقيل لأنّ الناس كانوا يتعارفون هناك ، وقيل كان جبرئيل عليهالسلام يري إبراهيم عليهالسلام المناسك فيقول عرفت ، وقيل إنّ إبراهيم رآى ذبح ولده ليلة الثامن فأصبح يروّي يومه أجمع أي يفكّر في أنّه أمر من الله أولا فسمّى ذلك اليوم يوم التروية ثمّ رأى اللّيلة الّتي بعدها فلمّا أصبح عرف أنّه من الله ، وقيل سمّيت بذلك لعلوّها وارتفاعها ومنه عرف الدّيك لارتفاعه ، وقيل لأنّ آدم اعترف بذنبه هناك.
وفي الآية دلالة على وجوب الوقوف بعرفة ، حيث كانت الإفاضة منها واجبة ، والإفاضة فرع الكون فيها ، وفيه نظر. واحتجّ البيضاوي على وجوب الوقوف بها بأنّ الإفاضة لا يكون إلّا بعد الوقوف ، وهي مأمور بها بقوله (ثُمَّ أَفِيضُوا) والأمر للوجوب ، وهو مبنيّ على أنّ المأمور به الإفاضة من عرفات ، واحتمال إرادة إفاضة المشعر قائم كما سيجيء أو أنّها مقدّمة للذكر المأمور به في قوله (فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) والأمر للوجوب ، فتكون واجبة ، ويتمّ المطلوب.
وردّ بأنّا لا نسلّم وجوب الذكر في المشعر الحرام ، وإنّما يجب الوقوف فقط فلا يتمّ ما ذكرتم ، وأجيب بأنّ مقتضى الأمر الوجوب والعدول عنه يحتاج إلى دليل واضح ، ولو سلّمنا فلنا أن نقرّر وجوب الإفاضة بوجه آخر هو أنّ تقدير الكلام «فإذا أفضتم من عرفات فكونوا بالمشعر الحرام ، واذكروا الله تعالى فيه» وإذا دلّ الدليل على أنّ الذكر مستحبّ غير واجب أخرجناه من الظاهر ، وبقي الآخر يتناوله الظاهر
__________________
(١) انظر المجمع أيضا ج ١ ص ٢٩٥ وفي الحديث المروي في الفقيه ج ٢ ص ١٢٧ الرقم ٥٤٦ أنه سميت عرفة عرفة لأن جبرئيل عليهالسلام قال لإبراهيم هناك اعترف بذنبك واعرف مناسكك فلذلك سميت عرفة ، وقريب منه ما رواه في علل الشرائع الباب ١٧٣ ج ٢ ص ١٢١ ط قم وفيه فسميت عرفات لقول جبرئيل عليهالسلام اعترف فاعترف.