فيتمّ المطلوب بأن نقول الإفاضة مقدّمة الكون بالمشعر الحرام ، وهو واجب فتكون واجبة ، ومنه يلزم وجوب الوقوف بعرفة.
وفيه نظر فانّ ذلك إنّما يتمّ أن لو كان الأمر بالذكر مطلقا لكنّه هنا مشروط بالإفاضة ، فهو بمثابة قولك إذا ملكت النصاب فزكّ ، في أنّه لا يجب تحصيل النصاب وإن توقّف الزكاة عليه إذ الأمر بها لم يقع مطلقا.
ولو قيل الدليل على وجوب الوقوف بالمشعر على الإطلاق قائم فيجب مقدّمته لقلنا الكلام في استفادة الوجوب من الآية وإلّا فلا يرتاب في وجوب الوقوف بعرفة وأنّها ركن الحجّ كما علم من الإجماع والأخبار.
ويراد من الذكر التهليل والتسبيح والدعاء ونحوه وقيل المراد به صلاة العشائين هذا ، ولا يذهب عليك أنّ أصحابنا مختلفون في وجوب الذكر عند المشعر الحرام ، وقد أوجبه القاضي ابن البرّاج حيث عدّ من أقسام الواجب الذكر لله تعالى والصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآله في الموقفين معا وهو الظاهر من كلام الحسن بن أبي عقيل ، واختاره جماعة من الأصحاب نظرا إلى ظاهر الأمر في الآية الكريمة وما رواه محمّد بن حكيم (١) قلت لأبي عبد الله عليهالسلام أصلحك الله الرّجل الأعجميّ والمرأة الضعيفة يكون مع الجمّال الأعرابيّ ، فإذا أفاض بهم من عرفات مرّ بهم كما هم إلى منى ولم ينزل جمعا بهم ، قال : أليس قد صلّوا بها؟ فقد أجزأهم ، قلت : فان لم يصلّوا ، قال فذكروا الله فيها فإن كانوا ذكروا الله فيها فقد أجزأهم ونحوها رواية أبي بصير (٢) عنه عليهالسلام وفيها أنّه يكفيه اليسير من الدعاء.
__________________
(١) التهذيب ج ٥ ص ٢٩٣ الرقم ٩٩٥ والاستبصار ج ٢ ص ٣٦٠ الرقم ١٠٩٣ والفقيه ج ٢ ص ٢٨٣ الرقم ١٣٩٠ والكافي ج ١ ص ٢٩٥ باب ١٦٩ من جهل ان يقف بالمشعر الحديث ١ وهو في المرآة ج ٢ ص ٣٣٦ وفي الوافي الجزء الثامن ص ١٥٩ والوسائل الباب ٢٥ من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث ٣ ص ٣٤٥ ج ٢ ط الأميري.
(٢) لفظ الحديث هكذا : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام جعلت فداك ان صاحبي هذين جهلا أن يقفا بالمزدلفة فقال يرجعان مكانهما فيقفان بالمشعر ساعة ، قلت فإنه لم يخبرهما أحد حتى كان ـ