تعينه على أمر دنياه وآخرته فقد أوتي في الدّنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، ووقى عذاب النّار ، وعن علىّ (١) عليهالسلام أنّها المرأة الصّالحة في الدّنيا وفي الآخرة الجنّة.
(وَقِنا عَذابَ النَّارِ) بالعفو والمغفرة أو جنّبنا عن المعاصي المؤدّية إلى النار ويروى عن على عليهالسلام أنّ عذاب النار امرأة السّوء (٢).
(أُولئِكَ) الدّاعون بالحسنتين وهم الفريق الثاني وقيل هو إشارة إليهما معا (لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا) أي من جنسه وهو جزاؤه أو من أجله كقوله (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا) (٣) والكسب ممّا يناله المرء بعمله ، ومنه يقال للأرباح إنّها كسب فلان أو المراد ممّا دعوا به نعطيهم منه قدر ما يستوجبونه ، بحسب مصالحهم في الدّنيا واستحقاقهم ، وسمّي الدّعاء كسبا لأنّه من الأعمال ، وهي موصوفة بالكسب.
(وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) يوشك أن يقيم القيامة ، ويحاسب العباد على أعمالهم فبادروا بإكثار الذّكر وطلب الآخرة بفعل الحسنات ، أو المراد أنّه يحاسب العباد على كثرتهم وكثرة أعمالهم في مقدار لمحة أو أقلّ ، ولذلك ورد في الخبر أنّه يحاسب الخلق في مقدار حلب شاة ، أو المراد أنّه سريع المجازات للعباد على أعمالهم ، وأنّ وقت الجزاء قريب ، فجرى مجرى قوله (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) (٤).
وعبّر عن الجزاء بالحساب لأنّ الجزاء كفاء للعمل وبمقداره ، فهو حساب له ، ففي الآية ترغيب على الدّعاء والإكثار من ذكر الله ، وطلب الحوائج منه تعالى للدّنيا والآخرة في المواطن المشرّفة ، وفيها أيضا ترهيب عن فعل المعاصي حيث إنّه تعالى يحاسب العباد على أعمالهم حسنه وقبيحة ، في لمحة واحدة ، ويجازيهم على ما كسبوا ، ومن هذا شأنه فليرهب منه.
وقد يستدلّ بها على أنّه تعالى ليس بجسم وأنّه لا يحتاج في فعل الكلام إلى
__________________
(١) رواه في المجمع ج ١ ص ٢٩٨.
(٢) الكشاف عند تفسير الآية ج ١ ص ٢٤٨ ط دار الكتاب العربي.
(٣) نوح : ٢٥.
(٤) النحل : ٧٧.