على وجه الحلّية وعلى إرادة العموم ، فالمعنى لا تجعلوا محرّمات الله حلالا ومباحا ولا العكس أي لا تتعدّوا حدوده.
(وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) أي بالقتال فيه أو بالسبي ، واختلف في المعنىّ به فقيل : هو رجب وقيل ذو القعدة وقيل الأشهر الحرم كلّها ، وعبّر عنها بلفظ الواحد اكتفاء باسم الجنس ، نهاهم الله تعالى عن استحلالها بالقتال فيها ، ونحوه قال الطبرسيّ (١) في مجمع البيان وهذا أليق بالعموم.
(وَلَا الْهَدْيَ) ما اهدى إلى الكعبة جمع هدية كجدي جميع جدية : السرح أي لا تستحلّوه فتغصبوه من أهله أو لا تحولوا بينه وبين أن يبلغ محلّه من الحرم.
(وَلَا الْقَلائِدَ) أي ذوات القلائد من الهدي المقلّد بنعل أو نحوه ، وعطفها على الهدي للاختصاص ، وزيادة التوصية بها ، لأنّها أشرف الهدي كقوله تعالى (وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) (٢) كأنّه قيل والقلائد منها خصوصا ، أو المراد القلائد أنفسها جمع قلادة وهو ما قلّد به الهدي من نعل ونحوه ، نهى عن التعرّض لها مبالغة في النهي عن التعرّض للهدي على معنى ولا تحلّوا قلائدها فضلا عن أن تحلّوها كما نهى عن إبداء الزينة مبالغة في النهي عن موقعها.
(وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) (٣) قاصدين زيارته (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً) أن يثيبهم ويرضى عنهم فيكون المراد المسلمين لأنّهم هم الّذين يبتغون ذلك لا الكفّار ، وعلى هذا فتكون الآية محكمة غير منسوخة ، ويؤيّده ما قيل إنّ المائدة آخر القرآن نزولا ، والجملة في موضع الحال من المستكنّ في آمّين ، ولا يجوز أن يكون صفة لأنّ اسم الفاعل على تقدير كونه عاملا لا يكون موصوفا ، والموصوف منه لا يكون عاملا ، وقد يظهر من الكشاف أنّه صفة ، ولعلّ العمل عنده لا يمنع الموصوفيّة فتأمّل.
__________________
(١) راجع ج ٢ ص ١٥٤.
(٢) البقرة : ٩٨.
(٣) وفي فتح القدير للشوكانى ج ٢ ص ٥ أنه قرء الأعمش «ولا آمّي البيت الحرام» بالإضافة.