نقول به بالنّسبة إلى من لا يقاتل ، ويرى له حرمة دون من لا يكون بهذه المثابة ، وحينئذ فيتخصّص الآيات المنافية بهذه الصّورة ، فإنّ التّخصيص خير من النسخ ، وبالجملة مع بقاء بعض الأحكام لا وجه للنّسخ بل يتعيّن التّخصيص.
(وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) وصرف ومنع عن الإسلام أو عمّا يوصل العبد إلى الله من الطّاعات (وَكُفْرٌ بِهِ) أي بالله (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) عطف على الضّمير المجرور [أي وكفر بالمسجد الحرام ، ومعنى الكفر به منع النّاس عن الصّلوة فيه والطواف به] والقول بضعفه (١) من دون إعادة الجارّ بعيد لوروده في اللّغة العربيّة كثيرا ، وقراءة حمزة من السّبعة قوله (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) (٢) بالجرّ عطفا عليه ، وقيل هو على
__________________
فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) فكيف يمكن أن يكون ناسخة لحرمة القتال في الشهر الحرام.
وان استندوا فيه الى إطلاق آية السيف وهي قوله تعالى (قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) فمن الظاهر أن المطلق لا يكون ناسخا للمقيد ، وان كان متأخرا عنه.
وان استندوا فيه الى ما رووه عن ابن عباس وقتادة أن الآية منسوخة بآية السيف فيرده أولا أن النسخ لا يثبت بخبر الواحد ، وثانيا أنها ليست رواية عن معصوم ولعلها اجتهاد من ابن عباس وقتادة ، وثالثا أنها معارضة بما رواه إبراهيم بن شريك قال حدثنا أحمد يعني ابن عبد الله بن يونس قال حدثنا الليث عن أبي الأزهر عن جابر قال رسول الله (ص) لا يقاتل في الشهر الحرام الا أن يغزى أو يغزو ، فإذا حضر ذلك أقام حتى ينسلخ ، ومعارضة بما رواه أصحابنا الإمامية عن أهل البيت (ع) من حرمة القتال في الأشهر الحرم.
وان استندوا في النسخ الى ما نقلوه من مقاتلة رسول الله هوازن في حنين وثقيفا في الطائف شهر شوال وذي القعدة وذي الحجة من الأشهر الحرم فيرده أولا أن النسخ لا يثبت بخبر الواحد وثانيا أن فعل النبي (ص) إذا صحت الرواية مجمل يحتمل وقوعه على وجوه ولعله كان لضرورة اقتضت وقوعه فكيف يمكن أن يكون ناسخا للاية انتهى كلامه مد ظله.
(١) انظر في ذلك تعاليقنا على كنز العرفان ج ٢ من ص ٤ الى ص ٦.
(٢) النساء : ١.