بالجزية من غير قتل ولا استرقاق نعمة عظيمة ، ويجوز أن يكون حالا من الجزية بمعنى نقدا مسلمة عن يد إلى يد ، كما يقال باع يدا بيد.
وأمّا قوله (وَهُمْ صاغِرُونَ) فمعناه أنّه لا بدّ مع أخذ الجزية من إلحاق الصّغار بهم والسّبب فيه أنّ طبع العاقل ينفر عن تحمّل الذلّ ، فإذا أمهل الكافر مدّة وهو يشاهد عزّ الإسلام ، وذلّ الكفر ، ويسمع الدّلائل ، فالظاهر أنّ مجموع ذلك يحمله على الانتقال إلى الإسلام.
وقد فسّروا الصّغار في الآية بتفسيرات فقيل الصّغار هو التزام الجزية على ما يحكم به الامام من غير أن تكون مقدّرة والتزام أحكامنا وجريانها عليهم ، وهو قول الشيخ في الخلاف وقال في المبسوط الصّغار المذكور في الآية هو التزام أحكامنا وجريانها عليهم ، قال وفي النّاس من قال : إنّ الصّغار أن يؤخذ منه الجزية قائما والمسلم جالسا.
وقال ابن إدريس اختلف المفسّرون في الصّغار والأظهر أنّه التزام أحكامنا عليهم وإجراؤها عليهم ، وأن لا يقدّر الجزية فيوطّن نفسه عليها بل يكون بحسب ما يراه الامام بما يكون معه ذليلا صاغرا خائفا ، فلا يزال كذلك غير موطّن نفسه على شيء ويتحقّق الصّغار الّذي هو الذلّة.
وذهب شيخنا المفيد إلى أنّ الصّغار هو أن يأخذهم الإمام بما لا يطيقون حتّى يسلموا ، ويؤيّده ما رواه الكلينيّ (١) في الحسن عن زرارة قال قلت لأبي عبد الله عليهالسلام :
__________________
(١) الكافي ج ١ ص ١٦٠ باب صدقة أهل الجزية الحديث ١ وهو في المرآة ج ٣ ص ٢٠٠.
ورواه في التهذيب ج ٤ ص ١١٧ بالرقم ٣٣٧ والاستبصار ج ٢ ص ٥٣ بالرقم ١٧٦ والفقيه ج ٢ ص ٢٧ بالرقم ٩٨ وهو في الوافي الجزء السادس ص ٤٨ والوسائل الباب ٦٨ من أبواب وجوب الجهاد الحديث ١ ج ٢ ص ٤٦٨ ط الأميري ونور الثقلين ج ٢ ص ٢٠٣ الرقم ١٠١ والبرهان ج ٢ ص ١١٤ وقلائد الدرر ج ٢ ص ١٦٥ وحديث الفقيه الى ما ذكره المصنف «فيسلم» وفي الكافي والتهذيب له تتمة جعلها في الفقيه حديثا مستقلا ـ