فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (١).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) سافرتم وذهبتم للغزو (فَتَبَيَّنُوا) واطلبوا بيان الأمر وثباته ، ولا تعجلوا فيه ليظهر لكم من يستحقّ القتل (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ) لمن حيّاكم بتحيّة الإسلام ، وقرأ نافع وابن عامر وحمزة السلم بغير ألف أي الاستسلام والانقياد ، فلم يقاتلكم مظهرا أنّه من أهل ملّتكم.
(لَسْتَ مُؤْمِناً) على الحقيقة وإنّما فعلت ذلك خوفا من القتل ، وقرئ مؤمنا بالفتح أي مبذولا له الأمان (تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) تطلبون ماله الّذي هو حطام الدّنيا فإنّه عرض لا بقاء له ، بل هو سريع النفاد (فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ) تغنيكم عن قتل أمثاله لأخذ ماله.
(كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ) أي أوّل ما دخلتم في الإسلام وتفوّهتم بكلمتي الشّهادة فحصّنتم بها دماءكم وأولادكم من غير أن يعلم مواطأة قلوبكم وألسنتكم.
(فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ) بالاشتهار بالإيمان والاستقامة في الدّين أو أنّكم في أوّل الأمر حدث منكم ميل ضعيف بأسباب ضعيفة إلى الإسلام فمنّ الله عليكم بتقوية ذلك الميل ، وتزايد نور الإيمان ، فكذا هؤلاء قد حدث لهم ميل ضعيف إلى الإسلام بسبب هذا الخوف.
(فَتَبَيَّنُوا) وافعلوا بالدّاخلين في الإسلام كما فعل بكم حال دخولكم فيه ولا تبادروا إلى قتلهم (إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً).
روى (٢) أنّ سريّة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غزت أهل فدك فهربوا وبقي مرداس بن نهيك
__________________
(١) النساء : ٩٧.
(٢) رواه في نور الثقلين ج ١ ص ٤٤٣ بالرقم ٤٩٧ عن تفسير على بن إبراهيم وكذا قلائد الدرر ج ٢ ص ١٨١ وهو في تفسيره المطبوع بهامشه التفسير المنسوب الى الامام العسكري ص ٨٠ وذيل الحديث فتخلف عن أمير المؤمنين في حروبه وانزل الله في ذلك (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً).
ونقل في المجمع ج ٢ ص ٩٥ قولا بكون نزول الآية في أسامة بن زيد وقولا بكونه في محلم بن جثامة وكونه في المقداد وكونه في أبي الدرداء.