دون بعض آخر وتكون الصّورة الأولى محمولة على ما إذا لم يتمكّن من إقامة الجميع وظاهر أنّ الصورتين تشتركان في وجوب المهاجرة ، لما في الإقامة من ترك الواجب وهو حرام.
وقد روينا في الصّحيح (١) عن محمّد بن مسلم عن الصّادق عليهالسلام في رجل أجنب ولم يجد إلّا الثلج أو ماء جامدا قال يتيمّم به ، ولا أرى أن يعود إلى هذه الأرض الّتي توبق دينه. حيث علّل النّهي عن العود إليها بكونها موبقة لدينه ، وظاهر أنّ هذا في بعض الأفعال الواجبة ، وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) من فرّ بدينه من أرض إلى أرض وإن كانت شبرا من الأرض استوجبت له الجنّة وكان رفيق أبيه إبراهيم ونبيّه محمّد صلوات الله عليهما.
وقد يستفاد من الآية أنّ من لا يكون بهذه المثابة كما لو كان له عشيرة تحميه من المشركين ويمكنه إظهار إيمانه ويكون آمنا على نفسه مع مقامه بين ظهراني المشركين فانّ المهاجرة غير واجبة عليه وهو كذلك عند العلماء.
__________________
(١) التهذيب ج ١ ص ١٩١ بالرقم ٥٥٣ والاستبصار ج ١ ص ١٥٨ الرقم ٥٤٤ ورواه في الكافي بسند آخر ج ١ ص ٢٠ باب الرجل يصيبه الجناية فلا يجد الا الثلج الحديث ١ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٣ وفيه عند شرح قوله «ولا أرى أن يعود» : فيه دلالة على أن من صلى بتيمم فصلوته لا تخلو عن نقص ، وان كانت صلوته مبرئة للذمة ، وانه يجب عليه ازالة هذا النقص عن صلوته المستقبلة بالخروج عن محل الاضطرار.
ورواه عن الكليني في المنتقى ج ١ ص ٢٦٨ وهو في الوافي الجزء الرابع ص ٨٥ والوسائل الباب ٩ من أبواب التيمم الحديث ٩ ج ١ ص ١٨٥ ط الأميري.
وقريب من الحديث ما في محاسن البرقي باب الضرورات من كتاب السفر الرقم ١٣٤ ونقله عنه وعن السرائر في البحار ج ١٨ ص ١٢٩ وعليه شرح مفيد فراجع.
(٢) المجمع ج ٢ ص ١٠٠ وعنه نور الثقلين ج ١ ص ٤٤٨ بالرقم ٥٢٥ وأخرجه أيضا في الكشاف ج ٢ ص ٥٥٥ ط دار الكتاب العربي ، قال ابن حجر في الكاف الشاف أخرجه الثعلبي في تفسير العنكبوت من رواية عباد بن منصور الباجى عن الحسن مرسلا وأخرجه في الكشاف ج ٣ ص ٤٦١ أيضا.