بمعنى الهوان ، ودخول «على» لتضمين معنى العطف ، أو للتنبيه على أنّهم مع ذلك حافظون للمؤمنين وحاكمون عليهم ، وهم في حمايتهم ، أو لمقابلة (أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) شداد غالبين عليهم من عزّه إذا غلبه.
(يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) صفة أخرى لقوم أو حال من الضّمير في أعزّة (وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) عطف على يجاهدون ، والمعنى أنّهم جامعون بين المجاهدة في سبيل الله والتصلّب في الدين ، ويحتمل أن يكون للحال أي يجاهدون وحالهم في المجاهدة خلاف حال المنافقين ، حيث يخافون لومة أوليائهم وفي وحدة اللّوم وتنكير اللّائم مبالغتان كأنّه قيل لا يخافون شيئا قطّ من لوم أحد اللّوّام.
(ذلِكَ) إشارة إلى ما تقدّم من الأوصاف (فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) وفيه تنبيه على أنّ الأوصاف المذكورة عطيّة من الله وفضله ، لا يمكن تحصيلها بالكسب من غير فضله ولطفه (وَاللهُ واسِعٌ) كثير الفضل (عَلِيمٌ) بمواقع الأشياء يعرف استحقاق كلّ أحد لأيّ مقدار من الفضل والانعام.
وقد اتّفق المفسّرون على أنّ الارتداد المذكور من الكائنات الّتي أخبر الله تعالى عنها قبل وقوعها ، واختلفوا فيمن وصف بهذه الأوصاف ، فقيل : هم أبو بكر وأصحابه الّذين قاتلوا أهل الردّة ، وقيل هم الأنصار وقيل هم أهل اليمن ، وقيل هم الفرس والّذي يذهب إليه أصحابنا أنّهم أمير المؤمنين علىّ بن أبي طالب عليهالسلام وأصحابه (١)
__________________
(١) وقد أفصح عن ذلك بأتم وجه القاضي نور الله الشهيد في إحقاق الحق ج ٣ من ص ١٩٧ الى ص ٢٤٣ والشيخ حسن المظفر في دلائل الصدق ج ٢ من ص ١٢١ الى ص ١٢٦ وعقد السيد البحراني الباب ٧٥ و ٧٦ من غاية المرام في ذلك انظر ص ٣٧٤.
قال الإمام الرازي في ج ١٢ ص ٢٠ عند تفسير الآية : وقال قوم انها نزلت في على ويدل عليه وجهان : الأول انه عليهالسلام لما دفع الراية الى على عليهالسلام يوم خيبر قال : لا دفعن الراية غدا الى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله وهذا هو الصفة المذكورة في الآية.
والوجه الثاني أنه تعالى ذكر بعد هذه الآية قوله (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ