سرورهم ولذّاتهم في تعذيب أهل النّار كما جعل سرور المؤمنين ولذّاتهم في الجنّة.
الخامسة : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (١).
(وَسارِعُوا) بادروا (إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) أي الأعمال الموجبة للمغفرة كفعل الطّاعات واجتناب المعاصي ، والصّلوات الخمس والتوبة من الربا لأنّه ورد عقيب النهي عنه ، وفيها دلالة على استحباب المسارعة بأفعال الطّاعة ، فيستفاد منها الحثّ على الصّلوة في أوّل أوقاتها من غير توان وتكاسل ، إلّا ما خرج بالدّليل مثل تأخير العشاءين إلى المزدلفة وأصحاب الأعذار على القول بالتّأخير فيهم ، وبالجملة ما قام عليه دليل خرج من ذلك ، وإلّا فلا.
(وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) عطف على مغفرة ، أي وسارعوا إلى ما يوجب الجنّة ويستحقّ به من الطّاعات لأنّ الغفران ظاهره إزالة العقاب ، والجنّة معناها حصول الثواب ، ولا بدّ للمكلّف من تحصيل الأمرين ، والمراد وصفها بالسعة ، فإنّ العرب إذا وصفت الشيء بالسعة وصفته بالعرض. قال امرئ القيس بلاد عريضة وأرض أريضة ، أو كعرض السموات والأرض إذا ضمّ بعضها إلى بعض ، إذ من البيّن أنّ نفس السموات لا يكون عرضا للجنّة ، وقد صرّح بذلك في موضع آخر (كَعَرْضِ السَّماءِ) (٢) تشبيها بأوسع ما علمه النّاس [من مخلوقاته] وأبسطه للمبالغة في وصفها بالسعة.
قالوا : وإنّما ذكر العرض بالعظم دون الطّول ، للدّلالة على أنّ الطّول أعظم ، فانّ في العادة أنّ العرض أدنى من الطّول ، وإذا كان العرض هكذا فما ظنّك بالطّول ، وليس كذلك لو عكس الأمر ، أمّا كونها مع ذلك في السماء فالظاهر أنّ
__________________
(١) آل عمران : ١٣٣.
(٢) الحديد : ٢١.