يعني أنّه لا يبقى كبيرة مع التوبة والاستغفار ، ولا تبقى الصغيرة صغيرة مع الإصرار بل تصير كبيرة ، ومعنى الإصرار على الذّنب أن يكون عازما على إيقاعه كلما أراده بحيث لا يتحاشى عنه ، لا أن يكون متلبّسا به في جميع الأوقات ، فإنّ ذلك غير معتبر في معناه لغة ولا عرفا ، بل الظاهر ما قلناه يقال : فلان مصرّ على شرب الخمر ، ويريدون أنّه لا يتحاشى عنه ، ويشربه كلّما أراده.
وبالجملة فالإصرار إمّا فعلىّ كالمواظبة على نوع أو أنواع من الصّغائر ، بأن يكون مقيما على فعلها ، وإما حكميّ وهو العزم على فعلها ثانيا بعد وقوعه وإن لم يفعل ، وقريب من ذلك ما قاله ابن عبّاس (١) : الإصرار السّكون على الذنب بترك التوبة والاستغفار منه.
ورواه الكلينيّ (٢) عن جابر عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عزوجل (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا) قال الإصرار أن يذنب الذنب فلا يستغفر ، ولا يحدّث نفسه بتوبة ، فذلك الإصرار ، وعلى هذا فعدم الإصرار إنّما يتحقّق بالعزم على عدم العود والإقلاع عنه بالمرّة. وأنّ تركه مرّة أو مرارا مع العزم عليه ، لا ينافي الإصرار والإقامة على الذّنب.
__________________
ـ وهو في الوافي الجزء الثالث ص ١٦٨ وفي الوسائل الباب ٤٧ من أبواب جهاد النفس الحديث ٣ وأخرجه في الكشاف بلفظ لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار وفي الكاف الشاف المطبوع ذيله ج ١ ص ٤١٦ ط دار الكتاب العربي تخريجه ورواه كذلك أيضا في مستدرك الوسائل ج ٢ ص ٣١٩ عن القضاعي في كتاب الشهاب.
(١) نقله عنه في المجمع ج ١ ص ٥٠٦.
(٢) أصول الكافي باب الإصرار على الذنوب الحديث ٢ وهو في المرآة ج ٢ ص ٢٦٧ وعليه شرح مبسوط وهو في الوافي الجزء الثالث ص ١٦٨ وروى مثله العياشي ج ١ ص ١٩٨ بالرقم ١٤٤ ، ونقله عنه في البحار ج ٣ ص ١٠١ ومستدرك الوسائل ج ٢ ص ٣١٩ والبرهان ج ١ ص ٣١٥ والحديث في الوسائل الباب ٤٧ من أبواب جهاد النفس الحديث ٤ ج ٢ ص ٤٦٦.