الناس ويغتابهم ، وخاصّة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقيل نزلت في الوليد بن المغيرة كان يغتاب النبيّ من ورائه ويطعن عليه في وجهه.
وهو عامّ في كلّ من يفعل هذا الفعل كائنا من كان ، لأنّ العبرة بعموم اللّفظ لا بخصوص السّبب ، وبناء فعلة يدلّ على أنّ ذلك عادة منه وقد عرف بها ، ونحوهما اللّعنة والضّحكة في المتعوّد للّعن والضّحك.
وقد اختلف عبارات المفسّرين في التعبير عنهما فقيل الهمزة المغتاب واللمزة المواجه بالسوء ، وقيل الهمز المواجهة بالسوء ، واللّمز بظهر الغيب ، وقيل الهمز باليد واللّمز باللّسان ، وقيل الهمز بكفّه واللّمز بالحاجب والعين ، وقيل الهمزة اللمزة الّذي يلقّب النّاس بما يكرهون ، ويدخل فيه من يحاكي النّاس بأقوالهم وأفعالهم وأصواتهم ليضحكوا ، وقد حكى الحكم بن العاص مشية النبيّ صلىاللهعليهوآله فنفاه من المدينة.
وقيل لابن عبّاس (١) ويل لكلّ همزة لمزة ، من هؤلاء الّذين ذمّهم الله بالويل؟ فقال هم المشّاؤن في النّاس بالنّميمة ، المفرّقون بين الأحبّة النّاعتون للنّاس بالعيب وقرئ (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) بسكون الميم والمراد به المسخرة الّذي يأتي بالأقاويل والأضاحيك ، فيضحك منه. وجميع هذه الوجوه متقاربة راجعة إلى أصل واحد ، وهو الطعن وإظهار العيب.
ثمّ ذلك على قسمين فإنّه إمّا أن يكون بالجدّ كما يكون عند الحسد والحقد وإمّا أن يكون بالهزل كما يكون عند السخريّة والإضحاك ، ثمّ إنّ كلّ واحد من القسمين إمّا أن يتعلّق بالدين والطّاعة وإمّا أن يتعلّق بالدّنيا ، وهو ما يتعلّق بالصورة والمشي أو الجلوس أو القول أو الفعل ، وهو غير مضبوط.
ثمّ إظهار العيب في هذه الأقسام الأربعة. إمّا أن يكون لشخص حاضر أو غائب وعلى التقادير ، فامّا أن يكون باللّفظ أو بإشارة الرأس أو العين أو غيرهما ، وكلّ
__________________
(١) أخرجه في الدر المنثور ج ٦ ص ٣٩٢ عن ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم وابن مردويه عن ابن عباس.