الشرط إيهاما بأنّهم أهل لذلك ، وإن لم يفعلوا ، فكيف بهم إذا فعلوا.
(قَوْلٌ مَعْرُوفٌ) كلام حسن جميل لا قبح فيه يردّ به السائل (وَمَغْفِرَةٌ) تجاوز عن السائل بالحاجة أو نيل مغفرة من الله بالردّ الجميل أو عفو عن السائل بأن يعذره فيما صدر عنه من الإلحاح وإساءة الأدب كفتح الباب ، ودخول الدار من غير إذن ، أو يغتفر ردّه (١) (خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً) خبر عنها وصحّ الابتداء بالنكرة لتخصيصه بالوصف والخير بمعنى أصل الفعل لا التفضيل ، إذ لا خير في الصدقة المتبوعة بالأذى ، فانّ اتباع الإيذاء الإعطاء يوجب الجمع بين الانتفاع والإضرار ، وربّما لم يف ثواب النفع بعقاب الضرر بخلاف القول المعروف ، فإنّه نفع متعجّل من حيث إيصال السرور إلى المؤمن من غير ضرر.
قيل : الآية مخصوصة بالتطوّع لأنّ الواجب لا يحلّ منعه ، ولا ردّ السائل فيه وردّ بأنّ الواجب قد يعدل به عن سائل إلى سائل وعن فقير إلى فقير.
(وَاللهُ غَنِيٌّ) عن الإنفاق المشتمل على المنّ والأذى (حَلِيمٌ) عن معاجلة من يمنّ ويؤذي حال النفقة بالعقوبة ، فيؤخّر العقاب بحلمه ونعوذ بالله من غضب الحليم (٢).
ولعلّ الكلام هنا وقع على طريق التدرّج والتفهّم حالا بعد حال إلى أن يتمّ
__________________
(١) زاد في سن : أو يكون تجاوز السائل : بأن يعذر المسؤول ويغتفر رده ، إذ ربما لا يقدر على مطلوبه في تلك الحال.
(٢) زاد في سن : واستدل المعتزلة بالاية على أن الكبائر يحبط ثواب فاعلها ، لانه تعالى بين ان هذا الثواب انما يبقى إذا لم يوجد المن والأذى ، لأنه لو ثبت مع فقدهما ومع وجودهما لم يكن للاشتراط فائدة. وأجيب بأن المراد من الآية ان حصول المن والأذى يخرجان الإنفاق من أن يكون له ثواب وأجر ، لدلالتها على أنه لم ينفق لوجه الله وإنما أنفق لطلب المن والأذى.
فإن قيل : المن والأذى متأخر عن الإنفاق بمقتضى كلمة «ثم» فيلزم الإحباط. قلنا هما وان تأخرا يدلان على أن الإنفاق السابق لم يكن لوجه الله تعالى بل للرفع وطلب الرياء ، ولا مانع من أن يكون تأثير الفعل السابق في حصول الثواب مشروطا بعدم وجود ما يضاد بعده كما هو قول أصحاب الموافاة ، ثم ان الكلام هنا وقع إلخ.