وقد قامت الأدلّة العقليّة على بطلان الإحباط الّذي يذهب إليه هؤلاء فلا وجه لتنزيل الآية عليه (١).
ويمكن أن يقال صدورهما في المستقبل كاشف عن عدم ترتّب الثواب عليها حال الأحداث أو يقال المعتبر في البطلان صدور الإنفاق حال كونه واقعا على أحدهما لا مطلقا فانّ وجوه الأفعال تابعة لحدوثها.
وقد يؤيّد الأوّل ما رواه الكلينيّ عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ الله كره لي ستّ خصال وكرهتها للأوصياء من ولدي وأتباعهم
__________________
(١) في سن : والجواب عنه أنه ليس المراد بقوله (لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) النهي عن ازالة هذا الثواب ، بل المراد عن الإتيان بهذا العمل باطلا ، بسبب صدور المن والأذى بعد العمل ، فان صدورهما في المستقبل كاشف عن عدم ترتب الثواب عليها حال الأحداث وأنها لم يقصد بها وجه الله تعالى ، وانما قصد غيره ، ولا مانع من أن يكون تأثير الفعل السابق في حصول الثواب مشروطا بعدم وجود ما يضاده بعده ، ثم انه تعالى ذكر لذلك مثلين :
أولها يطابق ما نقول فان من أوقع العمل رئاء غير مؤمن بالله واليوم الأخر كان عمله باطلا من أصله لوجود الكفر ، لا انه وقع صحيحا ثم بطل بعد ذلك ، لأنه إذا كان العمل مقارنا للكفر امتنع أن يقع صحيحا من أصله وأما المثل الثاني وان كان ظاهره يدل على قولهم لانه تعالى جعل الوابل مزيلا لذلك التراب على الصفوان فكذا هنا يكون المن والأذى مزيلين للثواب بعد استحقاق الأجر.
لكنا نقول : المشبه بذلك صدور العمل الذي لو خلى عنها لترتب عليه الثواب ، فالمشبه بالتراب هو ذلك العمل الصادر منه ، ويؤيده أن التراب إذا وقع على الصفوان لم يكن ملتصقا به بل كان اتصاله كالانفصال ، فهو في الظاهر متصل وفي الحقيقة غير متصل كالإنفاق مع المن والأذى ، فإنه يرى في الظاهر انه عمل من اعمال السر وفي الحقيقة ليس كذلك فرجع الى ما قلناه ، ويؤيده أن العمل بمقتضى الإخلاص يقتضي إلخ.
ويظهر من هذه المخالفة بين نسخة سن ، وسائر النسخ أن نسخة سن هي من النسخة المسودة الاولى ، وسائر النسخ من المبيضة بعد إسقاط الحشو والزوائد وتنسيق المطالب وترتيبها بحيث لا يخرج عن الموضوع ، فلا تغفل.