أنّ الآية مكّيّة والزكاة مدنيّة ، فيؤيّد هذا القول الروايات الواردة عن أصحاب العصمة عليهمالسلام :
روى زرارة ومحمّد بن مسلم وأبو بصير (١) في الحسن عن أبى جعفر عليهالسلام في قول الله تبارك وتعالى (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) فقالوا جميعا قال أبو جعفر عليهالسلام : هذا من الصدقة يعطي المسكين القبضة بعد القبضة ، ومن الجذاذ الحفنة بعد الحفنة ، حتّى يفرغ ونحوها من الأخبار.
وبظاهرها استدلّ الشيخ في الخلاف على وجوب حقّ في المال سوى الزكاة ، كالضغث والكفّ عند الصرام والحصاد ، وأجاب العلامة بأنّ المراد إيجاب الحقّ يوم الحصاد ، فانّ الزكاة تجب حينئذ ، ولو سلّم المغايرة فالأمر للندب وفي كلا الجوابين بحث :
أمّا الأوّل فلدلالة الحديث على أنّ المراد بها غير الزكاة ، وأما الثاني فلأنّ حمل الأمر على الندب من غير معارض بعيد ، وهو غير معلوم هنا فتأمّل.
الثامنة : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (٢).
(وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ) إن قرئ بتاء الخطاب فالفاعل هو النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو كلّ من يصلح للتخاطب و «الّذين» مفعوله الأوّل بحذف المضاف ، و «خيرا» مفعوله الثاني ، وهو ضمير الفصل ، أي لا تحسبنّ بخلهم خيرا لهم.
__________________
(١) الكافي ج ١ ص ١٦٠ باب الحصاد والجداد الحديث ٢ وهو في المرآة ج ٣ ص ٢٠٠ وبعده : ويعطى الحارس اجرا معلوما ويترك من النخل معا فأراه وأم جعرور ويترك للحارس يكون في الحائط العذق والعذقة والثلاثة لحفظه إياها.
(٢) آل عمران : ١٨٠.