والأخبار الواردة في هذا المعنى كثيرة ، والآية وإن كانت عامّة في الظاهر بالبخل مطلقا ، إلّا أنّها مخصوصة بالبخل في إخراج الزكاة الواجبة كما يعلم من ظاهر الأخبار المبيّنة لها ، ويزيده بيانا ما رواه الكلينيّ أيضا (١) عن جابر عن أبى جعفر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ليس البخيل الّذي يؤدّي الزكاة المفروضة في ماله ، ويعطي البائنة في قومه. وعن أحمد بن مسلم (٢) عن أبي الحسن موسى عليهالسلام قال البخيل من بخل بما افترض الله عليه ، والأخبار في ذلك كثيرة.
ولأنّ تارك التفضّل لو عدّ بخيلا لم يتخلّص الإنسان من البخل إلّا بإخراج جميع المال ، وفي حكم الزكاة سائر المصارف الواجبة ، كالإنفاق على النفس وعلى الأقربين الّذين يلزم مؤنتهم.
(وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي جميع ما يصحّ التوارث فيه فهو لله ، فما بال هؤلاء يبخلون عليه بماله ، ولا ينفقونه في سبيله ، أو أنّه تعالى يرث منهم ما يمسكونه ويبخلون به ولا ينفقونه في سبيل الله ، بعد موتهم وهلاكهم ، وتبقى عليهم الحسرة والعقوبة وفي ذلك حثّ على الإنفاق والمنع عن الإمساك من قبل أنّ الأموال إذا كانت بمعرض
__________________
(١) الكافي ج ١ ص ١٧٤ باب البخل والشح الحديث ٦ وهو في المرآة ج ٣ ص ٢٠٨ وبوجه ابسط الحديث ٨ وأرسله في الفقيه عن النبي (ص) ج ٢ ص ٣٤ الرقم ١٤١ وهو في الوافي الجزء السادس ص ٦٩ وفيه بيان : البائنة العطية سميت بها لأنها أبينت من المال.
أقول : هذه الكلمة مصحفة فاحتاجوا في شرح معناها الى التكلف ولم يرد البائنة في أصول المعاجم بمعنى العطية ، والصحيح : النائبة : وهي النازلة والحادثة ، لأنها تنوب الناس وقتا بعد وفت ومنها تأدية الغرامات والديات ، وما يضربه السلطان عليهم من سد البثوق وإصلاح القناطر والطرق وغير ذلك ، وقد نقله المجلسي في البحار (ج ٩٦ ص ١٦) وفيها النائبة في الموضعين.
(٢) الكافي ج ١ ص ١٧٤ باب البخل والشح الحديث ٤ وهو في المرآة ج ٣ ص ٢٠٨ وفي الوافي الجزء السادس ص ٦٩ ، ولعل الصحيح من السند «احمد بن سليمان» كما في الكافي و [احمد بن سلمة خ ل] وهكذا في معاني الأخبار ط مكتبة الصدوق ص ٢٤٦.