فهذا هو الفيء الراجع وإنّما يكون الراجع ما كان في يد غيرهم ، فأخذ منهم بالسيف وأمّا ما رجع إليهم من غير أن يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، فهو الأنفال ، فهو لله وللرسول خاصّة ، وليس لأحد فيه شركة ، وإنّما جعل الشركة في شيء قوتل عليه إلى آخر ما ذكره (١).
ومقتضاه أنّ هذا القسم أعني الراجع إليهم بلا قتال بعد دخوله في يد غيرهم من الأنفال وقد سبقت الإشارة إلى كونه من الأنفال ، وهنا يظهر الوجه في كونه فيئا.
(مِنْهُمْ) أي من الكفرة أو من بني النضير (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ) الفاء جواب الشرط أي ما أجريتم على تحصيله ومغنمه ، من الوجف وهو سرعة السير (مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) وإنّما مشيتم إليه على أرجلكم ، فانّ قرى بنى النضير كانت على ميلين من المدينة فمشوا إليهم رجالا غير رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّه ركب جملا أو حمارا ولم يجر قتال.
(وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) أي يمكّنهم من عدوّهم من غير قتال بأن يقذف الرعب في قلوبهم ، أو على ما في أيديهم كما كان يسلّط رسله على أعدائه فالأمر فيه مفوّض إليه ، فلا يقسم قسمة الغنيمة الّتي قوتل عليها وأخذت عنوة ، وذلك أنّهم طلبوا قسمتها بينهم فنزلت.
جعل الله أموال بني النضير لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خالصة يفعل بها ما يشاء إلّا أنّه قسمها بين المهاجرين ولم يعط الأنصار منها شيئا إلّا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة ، وقد تقدّم أنّ هذا من الأنفال فيكون للإمام عليهالسلام بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيفعل تارة بالوسائط الظاهرة ، وتارة بغيرها.
(ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) (٢) قيل لم يعطف هذه على ما قبلها لأنّها بيان
__________________
(١) أصول الكافي أول باب الفيء والأنفال وهو مطبوع مع الفروع ج ١ ص ٤٢٣ وشرحه المجلسي في المرآة ج ١ ص ٤٤١ وملا صالح المازندراني في ج ٧ ص ٢٨٧.
(٢) في سن وعش وهامش قض أيضا : اختلف المفسرون في هذه الآية فحكى عن قتادة أنها منسوخة بما ذكر في سورة الأنفال ، ويرده ان سورة الأنفال نزلت في قصة بدر وهذه بعدها بلا خلاف فكيف تنسخ بها.