لها غير أجنبيّة منها ، بيّن لرسوله فيها ما يصنع بالفيء وأمره أن يضعه حيث يضع الخمس من الغنائم كذا في الكشاف وغيره ، وفيه نظر فانّ ظاهر الاولى أنّ أمر الفيء مفوّض إليه ، وهذا أوجب قسمته بطريق الخمس وكون القصّة واحدة تزيد الاشكال ، ومن ثمّ
__________________
ـ وذهب قوم الى ان الاولى لرسول الله وآله بلا خلاف ، والثانية اختلف الناس فيها على أربعة أقوال :
أحدها في القرى التي قوتلت ، فما أفاء الله على رسوله منها فلله وللرسول ولذي القربى ، الآية ، ثم نسخ بما في الأنفال ، ويرده ما تقدم.
الثاني أن الاولى أن النبي (ص) يأخذ حاجته منه ويصرف الباقي في مصالح المسلمين. والثانية أن المراد بها الجزية والخراج ، فهي للأصناف المذكورة.
الثالث أن الاولى في بني النضير ولم يكن فيها خمس ولم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، وكانت صافية لرسول الله فقسمها بين المهاجرين وثلاثة من الأنصار والثانية في بني قريظة.
الرابع أن المراد بهما واحد وأنهما في غير الغنيمة ، وهو الأصح بين أصحابنا نظرا الى أن المراد بالغنيمة ما أخذ بالسيف : أربعة أخماسه للمقاتلة ، وخمسه للذين ذكرهم الله في سورة الأنفال ، والفيء غيرها.
قال الشيخ في التبيان (ج ٢ ص ٦٦٦ ط إيران) بعد ذكر الأقوال : والذي نذهب اليه أن مال الفيء غير مال الغنيمة ، فالغنيمة كل ما أخذ من دار الحرب بالسيف عنوة مما يمكن نقله الى دار الإسلام ، ومالا يمكن نقله الى دار الإسلام فهو لجميع المسلمين ينظر فيه الامام ويصرف ارتفاعه الى بيت المال لمصالح المسلمين ، والفيء كل ما أخذ من الكفار بغير قتال أو انجلى أهلها وكان ذلك للنبي وآله خاصة يضعه في المذكورين في هذه الآية ، وهو لمن قام مقامه من الأئمة الراشدين انتهى.
وفي الكشاف (ج ٣ ص ٢١٤ ط ١٣٦٧ مطبعة البابى الحلبي) : لم يعطف على ما قبلها لأنها بيان لها غير أجنبية عنها بين لرسول الله (ص) فيها ما يصنع بالفيء وأمره أن يضعه حيث يضع الخمس من الغنائم.
قلت : ما ذكره من الوجه في عدم العطف جيد وظاهر كلامه يوافق أصحابنا فإن المراد أنه أمره أن يضع جميع الفيء حيث يضع الخمس من الغنائم ونحن نقول به ، الا أنهم لا يخصون اليتامى والمساكين بقرابة الرسول (ص) بل يعمون بها جميع الناس كما سننبه عليه. فلله وللرسول إلخ.