احتمل بعضهم كونها ناسخة لسابقتها.
وبالجملة ظاهرها يخالف ما هو الشائع بين أصحابنا وتظافرت به أخبارهم ، من أنّ ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فهو للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعده للإمام ، ويمكن أن يقال بتغاير القضيّتين كما ذكره بعض المفسّرين من أنّ ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب نزلت في أموال بني النضير ، وأنّها كانت لرسول الله صلىاللهعليهوآله وكان ينفق منها على أهله وأما أهل القرى المذكورون في هذه الآية فهو أهل الصفراء وينبع وما هنا لك من قريب الغرب الّتي تسمّى قرى غريبة قال وحكمها مخالف لأموال بني النضير فإنّه صلىاللهعليهوآله لم يحبس من هذه لنفسه شيئا بل قسمها على ما أمره الله.
وهذا هو الظاهر ممّا رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم (١) عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سمعته يقول : الفيء والأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء ، وقوم صولحوا وأعطوا من أيديهم ، وما كان من أرض خربة أو بطن واد فهو كلّه من الفيء فهذا لله ولرسوله فما كان لله فهو لرسوله يضعه حيث يشاء وهو للإمام بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وقوله (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) قال ألا ترى هو هذا؟ وأمّا قوله (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) فهذا بمنزلة المغنم كان أبي يقول ذلك ، وليس لنا فيه غير سهمين سهم الرسول وسهم ذي القربى ، ثمّ نحن شركاء الناس فيما بقي.
وعلى هذا فلا إشكال بأن يكون الاولى في حكم الفيء الّذي لم يوجف عليه وهذه في حكم ما أوجف عليه ، فانّ جميع ما في أيدي الكفّار للمؤمنين ، وبعد حصوله في أيديهم بقتال أو بغيره ، يصير فيئا على ما عرفت ، وحينئذ فيمكن أن يوجّه عدم العطف بكون هذه غير الاولى إمّا ابتداء لكلام أو على الاستيناف ، فإنّه لمّا مرّ حكم الفيء الّذي لم يوجف كأنّ سائلا يسأل عن حكم ما أوجف عليه فبيّن أنّ ما هذا شأنه فهو في حكم الغنيمة.
__________________
(١) التهذيب ج ١ ص ٣٨٨ الطبعة القديمة.