(وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ) فيقدّمون المهاجرين عليها حتّى لو كان عند بعضهم امرأتان نزل عن واحدة وزوّجها من أحدهم (وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) حاجة إلى ما آثروا به من خصاص البناء وهي فرجه (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) أي يدفع ويمنع عنه بخل نفسه فيخالفها فيما دعته إليه منه والشحّ اللؤم الذاتي الّذي يقتضيه الحالة النّفسانيّة ومن ثمّ أضيف إلى النّفس ، قيل : من لم يأخذ شيئا نهاه الله عن أخذه ، ولم يمنع شيئا أمره الله بإعطائه فقد وقي شحّ نفسه.
(فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الفائزون بالثناء العاجل والثّواب الآجل ، وفيه حثّ على مخالفة النّفس فيما يغلب عليها من حبّ المال وبغض الإنفاق (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) وهم الّذين هاجروا من بعد ما قوي الإسلام أو التّابعون لهم بإحسان وهم المؤمنون بعد الفريقين إلى يوم القيامة. ومن ثمّ قيل إنّ الآية قد استوعبت جميع المؤمنين وعلى هذا فيكون مقطوعا ممّا قبله عطف الجملة على الجملة لا عطف المفردات فانّ قوله (وَالَّذِينَ جاؤُ) مبتدأ خبره (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا) في الدين (الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ) أخبر تعالى عنهم بأنّهم لإيمانهم ومحبّتهم يقولون ذلك (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا) حقدا لهم (رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) فحقيق بأن تجيب دعانا يا خير من دعاه داع وأقرب من رجاه راج.