أو حلال لكم (وَما نَهاكُمْ عَنْهُ) عن إتيانه أو أخذه من الفيء (فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ) في مخالفة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لمن خالف فليحذر الّذين يخالفون عن أمره وهو عامّ في كلّ ما أمر به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ونهى عنه وإن نزلت في الفيء ، فانّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وقد يستدلّ على أنّ مقتضى الأمر الوجوب والنهي التحريم (١) [لكن بالنسبة إلى أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ونهيه فتأمّل].
(لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ) قيل : هو بدل من المساكين وابن السبيل في الآية السابقة والمقصود الحثّ على هؤلاء بالنسبة إلى غيرهم لمكان ما بهم من الفقر والمهاجرة (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ) فإنّ أهل مكّة أخرجوهم عنها وأخذوا أموالهم واستدلّ بعضهم بظاهرها على جواز بيع دور مكّة ، وأنّها ممّا يصحّ تملّكها وفيه نظر سيجيء.
(يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) حال مقيّدة لإخراجهم بما يوجب تعظيمهم (وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) بأموالهم وأنفسهم (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) الّذين ظهر صدقهم في أيمانهم وجهادهم.
(وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ) ثنّى تعالى بعد ذكر المهاجرين بوصف الأنصار ومدحهم حتّى طابت أنفسهم عن الفيء ، والمراد أنّهم لزموا المدينة والايمان ، وتمكّنوا فيها أو تبوّؤا دار الهجرة ودار الايمان ، فحذف المضاف من الثاني ، والمضاف إليه من الأوّل وعوّض عنه اللّام. أو تبوّؤا الدار وأخلصوا الايمان ، كقوله علّفتها تبنا وماء باردا.
(مِنْ قَبْلِهِمْ) أي قبل هجرة المهاجرين إليهم ، وقدومهم عليهم ، لأنّ الأنصار لم يؤمنوا قبل المهاجرين [بل كان إيمان المهاجرين سابقا فلا بدّ من التأويل لما ذكر ، وقيل : معناه قبل إيمانهم] (٢) والمراد بهم أصحاب ليلة العقبة ، وهم سبعون رجلا بايعوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على ضرب الأحمر والأبيض كذا في مجمع البيان.
(يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا) من الفيء وغيره من أنواع الإحسان ، فلم يحصل لهم حسد ولا غيظ ممّا اعطى المهاجرون دونهم
__________________
(١) زاد في سن وعش وهامش قض : كما ثبت في الأصول.
(٢) ما بين العلامتين لا يوجد إلا في قض.